ما حكم الصلاة وراء من يمارس أعمال السحر والكهانة
السؤال: إمام مسجدنا يقوم بأعمال شركية:(كاهن، عرّاف، يكتب الطلاسم). وقد سألناك شيخنا على حكم الصلاة خلفه فأجبتنا بعدم الجواز.
ونحيطك علما أنّه في بلدتنا يوجد مسجد واحد وإذا لم نصلّ الجماعة فيه يترتب على ذلك فتنة حيث إنّ العامّة سيظنون أنّنا نكفر الإمام دون سبب لجهلهم بالعقيدة الصحيحة(فهم يجهلون أنّ الذي يقوم بكتابة الطلاسم والاستغاثة بالجنّ يفقده أصل الإيمان، وبالتالي يجهلون حكم الصلاة وراءه، ولقد سألناك من قبل على هذا الأمر فأجبتنا بالصلاة وراءه ثمّ إعادتها.
ولقد امتثلنا لهذا الأمر لمدة ثمّ تهاون البعض منّا، والبعض الآخر نظر نظرة أخرى، وهي أنّنا يجب أن لا نصلي وراءه لنهجره هجرا تامّا ليتضح أمره للناس. وبسبب هذا كلّه ترتب ما يلي:
- عدم التقاء الإخوة وبالتالي انتفاء مجالس العلم.
- عدم التناصح بين الإخوة.
- التهاون في أوقات الصلاة.
- نظرة العوام للإخوة أصبحت نظرة سلبية حيث قالوا: إنّ الإخوة متهاونون في صلاة الجماعة، ووصل بعضهم إلى رمي الإخوة بالنفاق.
- التأثير سلبيا في الدعوة إلى الله (فقد العوام الثقة في الإخوة).
- تأثر بعض الإخوة سلبيا بحيث أصبحوا يتهاونون في أوقات الصلاة، وبعض الواجبات مثل إعفاء اللحية، وبعض الليالي(حتى في رمضان) في قاعة الإنترنت ومع الألعاب وغير ذلك.
شيخنا إذا كانت نفس الفتوى أي الصلاة معه ثمّ إعادتها، فتترتب عليها كذلك بعض الأسئلة منها:
- إذا دخل أحدنا المسجد والإمام يصلّي فهل يصلي تحيّة المسجد حيث إنّها واجبة في حقه، أم يدخل مباشرة مع الإمام ؟
- إذا صلينا وراء هذا الإمام هل نصلّيها صلاة عادية(بالتكبير وقراءة الفاتحة...) أم بمجرد حركات دون ذكر؟
- هل نردد الأذان وراء الإمام أم لا؟
- هل الأفضل صلاة الفريضة أولا في المسجد منفردا ثمّ الصلاة وراء هذا الإمام، أم العكس؟، مع العلم أنّ هذا الإمام يتغيّب في بعض الأحيان.
وبارك الله فيك ونفعنا بعلمك.
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد:
فاعلم أن السحر والكهانة والعرافة من جهة ما فيها من دعوى علم الغيب ومشاركة الله في علمه وسلوك الطرق المفضية إليه، فإنّ ذلك كلّه من شعب الشرك والكفر، فهي شركيات من عمل الشيطان يفعله في الإنسان بنفثه ونفخه وهمزه ووسوسته، وما عليه أكثر أهل العلم أنّ الساحر كافر وهو المنقول عن الصحابة رضي الله عنهم، وبهذا قال أبو حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم(1)، وقد جاء التصريح في كتاب الله بأنّ السحر كفر قال تعالى: ?وَاتَّّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا...? [البقرة:102] فكفر الشياطين الذي صرحت به الآية منوط بتعليم السحر للناس، ذلك لأنّ ترتيب الحكم على الوصف ينبه على عليته ويومئ إليها، وبيّنت الآية أنّ:? مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَق? [البقرة:102] أيّ حظ ولا نصيب ومثل هذا لا يكون مفلحا كما في قوله تعالى:? وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى? [طه:69]، لأنّ الفلاح لا ينفى بالكلية نفيا شاملا لأنواع الفلاح ولا لسائر الأمكنة إلاّ عمّن انتفت الخيرية عنه وهو الكافر، وفي الحديث: "إنّ الرقى والتمائم والتولة شرك"(2) وفي قوله صلى الله عليه و سلم:"من أتى عرافا، أو ساحرا أو كاهنا فسأله وصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه و سلم"(3) وفي الحديث أيضا: " ليس منّا من تطيّر أو تطيّر له، أو تكهن أو تكهن له، أو سَحَر أو سُحر له"(4) ومعلوم أنّ الصحابة رضي الله عنهم أمروا بقتل أولئك السحرة ولا يتقرر هذا الأصل إلاّ إذا كان الساحر كافرا مرتدا إذ أنّ دماء المسلمين محرمة إلاّ ما استثناه الشرع لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحلّ دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة"(5) فإذا لم يكن زانيا محصنا، ولا قاتل نفس فلم يبق أن يتعين بالكفر والارتداد.
هذا وإن ثبت عن هذا الإمام هذه الأعمال الشركية -ولم يرجع عنها بعد البيان- فإنّ الصلاة خلفه لا تصح لنفسه ولا لغيره إذا ما أقامها العالم بحاله، ولا تؤكل ذبيحته، والواجب أن ينصح إلى الخير ويرشد إلى الحق، فإن تاب وقطع الأعمال الشيطانية التي يمارسها فالحمد لله، وإلاّ فليسع جماعة المسجد إلى تغييره لدى نظارة الشؤون الدينية، فإن ثبتوه على ما هو عليه، فليصلوا في مسجد إمامه سني إذا وجدوا إلى ذلك سبيلا، فإن تعذر عليهم إقامة صلاة الجماعة إلاّ في ذلك المسجد فما عليهم إلاّ التأسي بقول إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام في قوله تعالى:? وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِِ اللهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَنْ لاَ أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّاً? [مريم:48] ويكون لهم عذر خاص، وقد ذكر السيوطي رحمه الله في الأشباه والنظائر الأعذار المرخصة في ترك الجماعة على نحو أربعين عذرا(6)، وممّا ذكره ابن القيم رحمه الله قال: "هجران المسلمين عذر يبيح له التخلف عن الجماعة"(7)، [أي إذا كان هجرانهم له بحق]، "لأنّ هلال بن أمية، ومرارة بن الربيع قعدا في بيوتهما، وكانا يصليان في بيوتهما ولا يحضران الجماعة"(8).
هذا، والانقطاع عن الجماعة بهذا العذر أو بغيره من الأعذار المبيحة للتخلف عن الجماعة لا يترتب عليه إثم، بل يسقط الإثم مع حصول فضيلة الجماعة وثوابها لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنّك لن تدع شيئا لله عز وجلّ إلاّ أبدلك الله به ما هو خير لك منه"(9) وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا"(10).
أمّا ما نقلتم عنّي بدوام الصلاة وراءه ثمّ إعادتها بعد ذلك محافظة على الجماعة، فإنّ المعلوم عندي وجوب إعادتها لمن صلّى خلفه وهو يعلم بحاله لا دوام الصلاة معه ثمّ إعادتها إذ ليس من المشروع الأمر بالصلاة مع العلم بفسادها كالصلاة بغير طهارة.
هذا وأخيرا فإنّه لا يسعني إلاّ أن أنصح ما نصح به لقمان لابنه وهو يعظه في قوله تعالى: ?يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ المُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ? [لقمان:17] .
والعلم عند الله، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على محمّـد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
السؤال: إمام مسجدنا يقوم بأعمال شركية:(كاهن، عرّاف، يكتب الطلاسم). وقد سألناك شيخنا على حكم الصلاة خلفه فأجبتنا بعدم الجواز.
ونحيطك علما أنّه في بلدتنا يوجد مسجد واحد وإذا لم نصلّ الجماعة فيه يترتب على ذلك فتنة حيث إنّ العامّة سيظنون أنّنا نكفر الإمام دون سبب لجهلهم بالعقيدة الصحيحة(فهم يجهلون أنّ الذي يقوم بكتابة الطلاسم والاستغاثة بالجنّ يفقده أصل الإيمان، وبالتالي يجهلون حكم الصلاة وراءه، ولقد سألناك من قبل على هذا الأمر فأجبتنا بالصلاة وراءه ثمّ إعادتها.
ولقد امتثلنا لهذا الأمر لمدة ثمّ تهاون البعض منّا، والبعض الآخر نظر نظرة أخرى، وهي أنّنا يجب أن لا نصلي وراءه لنهجره هجرا تامّا ليتضح أمره للناس. وبسبب هذا كلّه ترتب ما يلي:
- عدم التقاء الإخوة وبالتالي انتفاء مجالس العلم.
- عدم التناصح بين الإخوة.
- التهاون في أوقات الصلاة.
- نظرة العوام للإخوة أصبحت نظرة سلبية حيث قالوا: إنّ الإخوة متهاونون في صلاة الجماعة، ووصل بعضهم إلى رمي الإخوة بالنفاق.
- التأثير سلبيا في الدعوة إلى الله (فقد العوام الثقة في الإخوة).
- تأثر بعض الإخوة سلبيا بحيث أصبحوا يتهاونون في أوقات الصلاة، وبعض الواجبات مثل إعفاء اللحية، وبعض الليالي(حتى في رمضان) في قاعة الإنترنت ومع الألعاب وغير ذلك.
شيخنا إذا كانت نفس الفتوى أي الصلاة معه ثمّ إعادتها، فتترتب عليها كذلك بعض الأسئلة منها:
- إذا دخل أحدنا المسجد والإمام يصلّي فهل يصلي تحيّة المسجد حيث إنّها واجبة في حقه، أم يدخل مباشرة مع الإمام ؟
- إذا صلينا وراء هذا الإمام هل نصلّيها صلاة عادية(بالتكبير وقراءة الفاتحة...) أم بمجرد حركات دون ذكر؟
- هل نردد الأذان وراء الإمام أم لا؟
- هل الأفضل صلاة الفريضة أولا في المسجد منفردا ثمّ الصلاة وراء هذا الإمام، أم العكس؟، مع العلم أنّ هذا الإمام يتغيّب في بعض الأحيان.
وبارك الله فيك ونفعنا بعلمك.
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أمّا بعد:
فاعلم أن السحر والكهانة والعرافة من جهة ما فيها من دعوى علم الغيب ومشاركة الله في علمه وسلوك الطرق المفضية إليه، فإنّ ذلك كلّه من شعب الشرك والكفر، فهي شركيات من عمل الشيطان يفعله في الإنسان بنفثه ونفخه وهمزه ووسوسته، وما عليه أكثر أهل العلم أنّ الساحر كافر وهو المنقول عن الصحابة رضي الله عنهم، وبهذا قال أبو حنيفة ومالك وأحمد وغيرهم(1)، وقد جاء التصريح في كتاب الله بأنّ السحر كفر قال تعالى: ?وَاتَّّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا...? [البقرة:102] فكفر الشياطين الذي صرحت به الآية منوط بتعليم السحر للناس، ذلك لأنّ ترتيب الحكم على الوصف ينبه على عليته ويومئ إليها، وبيّنت الآية أنّ:? مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَق? [البقرة:102] أيّ حظ ولا نصيب ومثل هذا لا يكون مفلحا كما في قوله تعالى:? وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى? [طه:69]، لأنّ الفلاح لا ينفى بالكلية نفيا شاملا لأنواع الفلاح ولا لسائر الأمكنة إلاّ عمّن انتفت الخيرية عنه وهو الكافر، وفي الحديث: "إنّ الرقى والتمائم والتولة شرك"(2) وفي قوله صلى الله عليه و سلم:"من أتى عرافا، أو ساحرا أو كاهنا فسأله وصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه و سلم"(3) وفي الحديث أيضا: " ليس منّا من تطيّر أو تطيّر له، أو تكهن أو تكهن له، أو سَحَر أو سُحر له"(4) ومعلوم أنّ الصحابة رضي الله عنهم أمروا بقتل أولئك السحرة ولا يتقرر هذا الأصل إلاّ إذا كان الساحر كافرا مرتدا إذ أنّ دماء المسلمين محرمة إلاّ ما استثناه الشرع لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحلّ دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة"(5) فإذا لم يكن زانيا محصنا، ولا قاتل نفس فلم يبق أن يتعين بالكفر والارتداد.
هذا وإن ثبت عن هذا الإمام هذه الأعمال الشركية -ولم يرجع عنها بعد البيان- فإنّ الصلاة خلفه لا تصح لنفسه ولا لغيره إذا ما أقامها العالم بحاله، ولا تؤكل ذبيحته، والواجب أن ينصح إلى الخير ويرشد إلى الحق، فإن تاب وقطع الأعمال الشيطانية التي يمارسها فالحمد لله، وإلاّ فليسع جماعة المسجد إلى تغييره لدى نظارة الشؤون الدينية، فإن ثبتوه على ما هو عليه، فليصلوا في مسجد إمامه سني إذا وجدوا إلى ذلك سبيلا، فإن تعذر عليهم إقامة صلاة الجماعة إلاّ في ذلك المسجد فما عليهم إلاّ التأسي بقول إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام في قوله تعالى:? وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِِ اللهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَنْ لاَ أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّاً? [مريم:48] ويكون لهم عذر خاص، وقد ذكر السيوطي رحمه الله في الأشباه والنظائر الأعذار المرخصة في ترك الجماعة على نحو أربعين عذرا(6)، وممّا ذكره ابن القيم رحمه الله قال: "هجران المسلمين عذر يبيح له التخلف عن الجماعة"(7)، [أي إذا كان هجرانهم له بحق]، "لأنّ هلال بن أمية، ومرارة بن الربيع قعدا في بيوتهما، وكانا يصليان في بيوتهما ولا يحضران الجماعة"(8).
هذا، والانقطاع عن الجماعة بهذا العذر أو بغيره من الأعذار المبيحة للتخلف عن الجماعة لا يترتب عليه إثم، بل يسقط الإثم مع حصول فضيلة الجماعة وثوابها لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنّك لن تدع شيئا لله عز وجلّ إلاّ أبدلك الله به ما هو خير لك منه"(9) وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا"(10).
أمّا ما نقلتم عنّي بدوام الصلاة وراءه ثمّ إعادتها بعد ذلك محافظة على الجماعة، فإنّ المعلوم عندي وجوب إعادتها لمن صلّى خلفه وهو يعلم بحاله لا دوام الصلاة معه ثمّ إعادتها إذ ليس من المشروع الأمر بالصلاة مع العلم بفسادها كالصلاة بغير طهارة.
هذا وأخيرا فإنّه لا يسعني إلاّ أن أنصح ما نصح به لقمان لابنه وهو يعظه في قوله تعالى: ?يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ المُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ? [لقمان:17] .
والعلم عند الله، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلّى الله على محمّـد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.