بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من
شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله (يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا
وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ
الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ
مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ
بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1) (يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً)
(الأحزاب:70) (يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ
يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب:71) ، ألا وإن
أصدق الكلام كلام الله تعالى وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور
محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أما بعد :
فموضوع
هذا اللقاء في هذه الليلة المباركة – كما سمعتم – هو : ( التوحيد أولاً ) ، لماذا
التوحيد أولاً ؟ لأن هذا هو منهج الله الذي شرعه لجميع الأنبياء – عليهم الصلاة
والسلام - ، فما من رسول دعا أمته إلا وبدأ بالتوحيد ، وإن كانت دعوات الأنبياء
تشمل كل خير للبشر ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ
نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ
مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ ) (1) ،
فالأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – يحملون كل السعادة إلى البشرية وكل ما يسعدهم ،
ولكن يبدأون بالأهم فالأهم ، والذي يتأمل القرآن يرى أن دعوات الأنبياء اشتركت في
أصول عظيمة جداً منها : التوحيد ، ومنها تقرير النبوات ، ومنها تقرير البعث والجزاء
، ولكن المحور الأساسي لدعواتهم والتي دار حولها الصراع بينهم وبين أممهم ؛ إنما هو
التوحيد ، وتوحيد العبادة بالذات ، لأن توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات لا
ترى في القرآن خلافاً بين نبي وبين أمته في شيء من هذا ، يكذبون بالبعث لا شك
وينكرونه ، ولكن أشد ما يكذبون فيه هو : الدعوة إلى إخلاص الدين لله تبارك وتعالى ،
فترى دعوات الأنبياء جميعاً كما بين الله ذلك في كتابه ؛ أول شيء يبدأون به : إصلاح
العقيدة ، إصلاح ما أخلُّوا به في باب توحيد العبادة ، إذ الشيطان دبَّر أول مكيدة
لبني آدم – بعد تدبيره لأبيهم آدم حيث أوقعه في أكل الشجرة – المكيدة الكبيرة التي
كاد بها البشر كانت في توحيد العبادة ، إذ زيَّن لقوم نوح – عليه الصلاة والسلام –
أن يتعلقوا بأشخاص صالحين ، وأن يصوروا لهم تماثيل ، فصوروا لهم تماثيل ، فلما
فَنِيَ الجيل الذي يعرف هؤلاء الأشخاص ؛ جاءهم الشيطان مرة أخرى وقال : ما نُصبت
هذه التماثيل لهؤلاء الصالحين إلا لتُعبَد ، واستمر نوح - عليه الصلاة والسلام -
يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً ، كما قص الله ذلك في كتابه العزيز ، وكان شرَّ
قوم هم قومُ نوح وأظلمَ قوم هم قوم نوح وأطغى قوم هم قوم نوح ، ولهذا دعاهم ألف سنة
فما آمن معه إلا قليل ، كم من الأجيال ، كم من القرون قضاها نوح ، ألف سنة إلا
خمسين عاماً وهم ما ازدادوا إلا عناداً وكبراً حتى دعا عليهم فأهلكهم الله تبارك
وتعالى ، وأخرج الله من نوح ذرية مسلمة ، ولكن سرعان ما التف عليهم الشيطان وأركسهم
في حمأة الشرك بالله عز وجل ، وهكذا كلما يأتي نبي ينقذ الله به من ينقذ من بني آدم
فلا تمر فترات قصيرة إلا ويأتي الشيطان ويكيدهم نفس المكيدة التي كاد بها قوم نوح ،
واستمر على هذه المكايد وسيستمر إلى يوم القيامة ، فينبغي لكل من يتصدى للدعوة إلى
الله عز وجل أن يجعل هذه الدعوة دعوة الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – في مواجهة
هذه المكايد التي يكيد بها الشيطان بني آدم على طريقة الرسل ، واجهْ هذه المكايد ،
أول شيء تريد أن تبدأ به في إصلاح شعب من الشعوب هو البدء بالتوحيد ، سواء الشعوب
الإسلامية أو غير الإسلامية عندها انحراف شديد في هذا الباب ، فالداعي المخلص الذي
يريد أن يترسم خطى الأنبياء ويريد أن يصلح إصلاحاً صحيحاً فأول ما يبدأ به معالجة
هذا الانحراف ، فإذا رأيت داعية يسير على خطى الأنبياء ويبدأ بما بدأوا به من
الإصلاح؛ فثق أنه على هدى وعلى رشاد ، وإذا رأيته حاد يميناً ويساراً إلى السياسة
وغيرها ؛ فهذا يكون موضع ريبة ولا شك ، كيف يحيد عن دعوة شرعها الله للأنبياء
والتزمها الأنبياء من أولهم إلى آخرهم ، قال تعالى : (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ
أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ )(النحل: من
الآية36)، ما هو الطاغوت هنا ؟ لأن فيه الآن إطلاق الطاغوت على غير الطاغوت الذي
يقصده القرآن ، (وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) : عبادة الأوثان والشرك بالله عز وجل ،
فأصلح حطِّم هذه الطواغيت في نفوس أصحابها ، وبعد ذلك إذا صلحت عقائد الناس ؛ صلحت
سائر شؤون حياتهم ، فإذا رضي المسلم بالله رباً ومعبوداً لا معبود بحق سواه ؛ سوف
لا يخضع لقوانين شرق ولا غرب أبداً لأنه رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً فسيرفض
القوانين والتشريعات البشرية ، أما أن تبدأ بالانحراف السياسي – فقط – وتشغل الشباب
بهذه الأشياء وتسدل الستار على دعوة الأنبياء ؛ هذا خطأ فادح أول ما يصاب به الدعاة
أنفسهم ، أول ما ينالهم شر هذه الدعوة ، فلست - والله - أعلم من الله ، ولست أرحم
من الله ، ولست - والله - أغير من الله ، ولا أغير من رسل الله - عليهم الصلاة
والسلام – مهما ادعيت .
طريق الإصلاح واضح ، الأمة في كل زمان ، والأمة
الإسلامية من قرون تحتاج إلى الإصلاح العقائدي لأن الفساد العقائدي دبَّ إلى
المسلمين من قرون ، سواء في الأسماء والصفات التي أظن ما انحرفت فيها الأمم السابقة
، وفي توحيد العبادة ، إذا رحت تجوب بلاد العالم في أي بلد شئت ترى من الانحراف في
عقائد المسلمين وأعمالهم حول القبور ما يخجل منه اليهود والنصارى والوثنيون ، كيف
نتجاهل كل هذه الأشياء ونذهب نربي الشباب تربية سياسية فقط ، والشرك أمامهم ، الشرك
الذي حاربه الأنبياء وأفنوا حياتهم في محاربته وأهلك الله الأمم لمخالفتهم للأنبياء
في هذه المسألة بالذات ، ليست من أجل سياسة ولا غيرها ، أهلكهم من أجل مخالفة
الأنبياء في هذا الباب ، فيا شباب الإسلام لا يخدعنكم بريق السياسة ومطامعها
ومغرياتها ، عليكم بنهج الأنبياء ، ولهذا ترى أيَّ مصلح صادق مخلص عَرَفَ الإسلام
حق المعرفة أول ما يبدأ بمعالجة هذه الأشياء ، ابن تيمية – رحمه الله – جاء وقد
جثمت كوابيس الخرافات والبدع على الأمة الإسلامية شعوباً وحكومات ، فبدأ يعالج هذه
الأمور ، الانحرافات الشركية والانحرافات في باب أسماء الله وصفاته ، بدأ بهذه
الأمور .
وجاء الإمام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – الرجل الثاني والمجدد
الثاني حق التجديد بعد ابن تيمية ، وانطلق من حيث انطلق الرسل ومن حيث انطلق
المصلحون ، الذين يحملون رايات هذه الدعوات ولا يلتزمون هذا الباب ؛ ما عرفوا هذا
الباب ولا عرفوا قيمته ولا عرفوا خطورة الشرك ، بكل صراحة ما عرفوا هذه الأشياء ،
تربوا في بيئات لا تحفل بالعقائد ، وجدوا صراعات سياسية بين الأحزاب فأخرجوا
أحزاباً تحمل شعارات إسلامية لا يعرفون دعوة الأنبياء فجاءوا وأطبقوا بسياستهم على
شباب بلاد التوحيد ، وهم ما عرفوا التوحيد ولا عرفوا الشرك ولا أدركوا مكانة
التوحيد ولا خطورة الشرك فمع الأسف انتشرت دعواتهم في بلاد التوحيد على خلاف منهج
الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام - ، وهذا والله غزو فكري مركز على أبناء التوحيد ،
ونحن نكافح من سنين لتعود الأمور إلى نصابها ، ولكن الشباب مخدوعون – مع الأسف
الشديد – وينقادون لمن يركض بهم في ميادين بعيدة عن ميادين الرسل – عليهم الصلاة
والسلام -، وعن ميادين المصلحين ، فيجب على الشباب أن يفيق وأن يدرك أهمية التوحيد
.
والله لا نرى ولاء ولا براء في كثير من الشباب على توحيد الله ، وتجد كثيراً
من الشباب يوالي عباد القبور وأعداء التوحيد ، ويحارب حملة راية التوحيد ، هذا
موجود ، وما سببه إلا تلاعب هؤلاء الجهلة بعقول شباب التوحيد وأبناء التوحيد ، جهلة
ما عرفوا توحيد الله ولا عرفوا دعوة الأنبياء ، ولا عرفوا مكانة هذه الدعوة ، ما
عرفوها ، وجاءوا في وقتٍ أقام الإنجليز في الدول الغربية وفي بلاد المسلمين أحزاباً
، هذا بعثي ، وهذا شيوعي ، وهذا علماني ، وهذا كذا ، فقال السياسيون الإسلاميون :
نقيم أحزاباً سياسية ، ويدخلون في صراعات مع الأحزاب هذه ومع الحكومات ، كله صراع
سياسي ، والإسلام ، والإسلام ، والإسلام ، شعارات فقط ، وجدوا العلمانية ، الشيوعية
، البعثية ، منبوذة في بلاد المسلمين ، قالوا : نرفع شعارات إسلامية ، فرفعوا
شعارات إسلامية لكنها جوفاء ، والله جوفاء ميتة ، لأنها خالية من الاهتمام بالتوحيد
ومحاربة الشرك ، ولهذا ترى منابع هذه الدعوات التي غزت هذه البلاد ملوثة بالشرك ،
ولم يغيروا في بلدانهم شيئاً ، وإلى يومك هذا يموت كبار أساطين هذه الدعوات يموتون
على الخرافات والبدع ، بل ويذهبون إلى القبور ويقدمون لها النذور ويقدمون لها
الزهور ويركعون لهذه القبور ، الشرك عندهم لا خطورة فيه أبداً ، والتوحيد هذا لا
قيمة له عندهم ، بل يرون أنه يُفرِّق الأمة ، كيف ما يعقل أبناء التوحيد هذه
المكايد وهذه البلايا التي دهمتهم وفرَّقتهم ومزقتهم لأجل دعوات جوفاء ، (وَمَا
أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ
إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (الانبياء:25)، لا إله إلا الله ، هذه ( لا إله إلا
الله ) : لا حاكم إلا الله – عندهم ، أخص خصائص الألوهية (لا حاكم إلا الله ) ، هذا
التفسير يجعلك ترى الشرك أمامك كأنك لم ترَ شيئاً ، الشرك الذي يحاربه الأنبياء لا
تراه شيئاً ، هذا التفسير تحريف لمعنى ( لا إله إلا الله ) ، ثم جعلوه نوعاً رابعاً
من أقسام التوحيد ، حيلة ، ثم بعد أيام يُسَرِِّبون المعاني الأساسية للا إله إلا
الله وتبقى الحاكمية ، افهموا المكايد السياسية .
( لا إله إلا الله ) معناها :
لا معبود بحق إلا الله ، ما هي العبادة ؟ الصلاة ، الصوم ، الزكاة ، الحج ، الذبح ،
النذر ، التوكل ، الرجاء ، الرغبة ، الرهبة ، هذه تُصرَف لله وحده لا تصرف لأحد ،
أما ( لا حاكم إلا الله ) فلا تدخل في معنى ( لا إله إلا الله ) أبداً ، لأن ما
معنى ( لا إله إلا الله ) ؟ لا معبود بحق إلا الله ، عابد ومعبود ، الله معبود ،
والمخلوقون عابدون ، فالعبادة : فعل المخلوقين ، افهموا هذا ، العبادة فعل
المخلوقين يتقربون بها إلى الله ، يركع ، يسجد ، يخضع ، يبكي ، يتوكل ، يرجو ، يخاف
، هذه كلها صفات وأفعال المخلوقين ، ليست صفات الخالق ، تعالى الله عن ذلك ، فإذا
قلنا ( لا حاكم إلا الله ) معناها : لا عابد إلا الله ، تعالى الله وتنزَّه عن ذلك
، افهموا هذا التفسير باطل ، الذي نَكَب المسلمين هو التفسيرات الفاسدة للا إله إلا
الله ، والله نُكِب المسلمون بالتفاسير الباطلة من المتكلمين والفلاسفة وغيرهم ،
قالوا: ( لا إله إلا الله ) معناها : لا خالق لا رازق ، لا محيي ، لا مميت إلا الله
، تراه يعبد القبر ، يذبح ، ينذر ، يسجد ، يقول لك : يا أخي ! أنا لا أعبده ، أنا
لا اعتقد فيه أنه يضر أو ينفع ، لأن الضار النافع هو الله ، أنا لا أقول : إنه خالق
، لأني أعتقد أن الخالق هو الله ، لكن لا يفهم أن أعماله هذه التي يتقرب بها إلى
الأموات وغيرهم هي العبادة التي تنافي ( لا إله إلا الله ) ، فهموا ( لا إله إلا
الله ) فهماً سيئاً خاطئاً بعيداً كل البعد عن المعنى الأساسي للا إله إلا الله ،
والذي جاء به جميع الأنبياء ، فراحوا يذبحون لغير الله ، وينذرون لغير الله ،
ويستغيثون بغير الله ، وصنوف الشرك وقعوا فيها ، لماذا ؟ لجهلهم بمعنى ( لا إله إلا
الله ) ، فلما تأتي السياسة – في هذا العصر – وتُضيف معنى جديداً إلى هذه التفسيرات
الفاسدة ؛ زاد الناس هلاكاً .
والله لو لا بقايا قوة دعوة الإمام محمد بن عبد
الوهاب والمنهج السلفي – في هذا البلد – لرأيتَ الآن أهل هذا البلد يسجدون للقبور ،
لكن هذه حمتهم ، ولكنها إلى حين – إن لم يُتدارك الأمر ، الأمر خطير والمسألة ليست
بالسهلة حتى ننام عنها وندغدغ عواطف من يعبثون بعقول الشباب ونتملقهم ونسكت عنهم بل
نؤيدهم ونشجعهم على هذا الانحراف السياسي الذي دهموا به هذه البلاد ، بلاد التوحيد
.
محمد بن عبد الوهاب وإخوانه وأبناؤه وأنصاره قد بذلوا جماجمهم لتصحيح معنى (
لا إله إلا الله ) ، فتأتي هذه السياسة الجاهلية فتُحبِط هذه الجهود العظيمة وتضع
بديلاً لها معانٍ سياسية من أناس ما عرفوا دعوة الأنبياء ، بل يحاربونها ويهوِّنون
من شأنها ، ويَصرفون الناس عنها ، لأن أكثر هؤلاء السياسيين خرافيون قبوريون ،
السياسيون الذين وضعوا هذه الأشياء أكثرهم قبوريون خرافيون أعداء لدعوة الإمام محمد
بن عبد الوهاب ، ولهذا خططوا الخطط الخطيرة لنسف هذه الدعوة ، والله ركَّزوا على
أبناء هذه البلاد ، وبذلوا من الجهود والمكايد ما لم يُبذَل مثله في الدنيا كلها ،
فتجد كثيراً من أبناء هذه البلاد يُصدِّر هذه الدعوات الفاسدة إلى العالم ، ويرصد
لها من الأموال ما لو سخَّره في سبيل الله لغيَّر واقع كثير وكثير من الخرافيين
.
والله لولا هذا الغزو الماكر لرأيتَ العالم الإسلامي على غير الحال التي
يعيشها الآن من الذل والهوان ، لأن الناس بدأوا يعرفون دعوة الإمام محمد بن عبد
الوهاب .
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من
شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله (يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا
وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ
الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ
مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ
بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1) (يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً)
(الأحزاب:70) (يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ
يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب:71) ، ألا وإن
أصدق الكلام كلام الله تعالى وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور
محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار أما بعد :
فموضوع
هذا اللقاء في هذه الليلة المباركة – كما سمعتم – هو : ( التوحيد أولاً ) ، لماذا
التوحيد أولاً ؟ لأن هذا هو منهج الله الذي شرعه لجميع الأنبياء – عليهم الصلاة
والسلام - ، فما من رسول دعا أمته إلا وبدأ بالتوحيد ، وإن كانت دعوات الأنبياء
تشمل كل خير للبشر ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ
نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ
مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ ) (1) ،
فالأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – يحملون كل السعادة إلى البشرية وكل ما يسعدهم ،
ولكن يبدأون بالأهم فالأهم ، والذي يتأمل القرآن يرى أن دعوات الأنبياء اشتركت في
أصول عظيمة جداً منها : التوحيد ، ومنها تقرير النبوات ، ومنها تقرير البعث والجزاء
، ولكن المحور الأساسي لدعواتهم والتي دار حولها الصراع بينهم وبين أممهم ؛ إنما هو
التوحيد ، وتوحيد العبادة بالذات ، لأن توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات لا
ترى في القرآن خلافاً بين نبي وبين أمته في شيء من هذا ، يكذبون بالبعث لا شك
وينكرونه ، ولكن أشد ما يكذبون فيه هو : الدعوة إلى إخلاص الدين لله تبارك وتعالى ،
فترى دعوات الأنبياء جميعاً كما بين الله ذلك في كتابه ؛ أول شيء يبدأون به : إصلاح
العقيدة ، إصلاح ما أخلُّوا به في باب توحيد العبادة ، إذ الشيطان دبَّر أول مكيدة
لبني آدم – بعد تدبيره لأبيهم آدم حيث أوقعه في أكل الشجرة – المكيدة الكبيرة التي
كاد بها البشر كانت في توحيد العبادة ، إذ زيَّن لقوم نوح – عليه الصلاة والسلام –
أن يتعلقوا بأشخاص صالحين ، وأن يصوروا لهم تماثيل ، فصوروا لهم تماثيل ، فلما
فَنِيَ الجيل الذي يعرف هؤلاء الأشخاص ؛ جاءهم الشيطان مرة أخرى وقال : ما نُصبت
هذه التماثيل لهؤلاء الصالحين إلا لتُعبَد ، واستمر نوح - عليه الصلاة والسلام -
يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً ، كما قص الله ذلك في كتابه العزيز ، وكان شرَّ
قوم هم قومُ نوح وأظلمَ قوم هم قوم نوح وأطغى قوم هم قوم نوح ، ولهذا دعاهم ألف سنة
فما آمن معه إلا قليل ، كم من الأجيال ، كم من القرون قضاها نوح ، ألف سنة إلا
خمسين عاماً وهم ما ازدادوا إلا عناداً وكبراً حتى دعا عليهم فأهلكهم الله تبارك
وتعالى ، وأخرج الله من نوح ذرية مسلمة ، ولكن سرعان ما التف عليهم الشيطان وأركسهم
في حمأة الشرك بالله عز وجل ، وهكذا كلما يأتي نبي ينقذ الله به من ينقذ من بني آدم
فلا تمر فترات قصيرة إلا ويأتي الشيطان ويكيدهم نفس المكيدة التي كاد بها قوم نوح ،
واستمر على هذه المكايد وسيستمر إلى يوم القيامة ، فينبغي لكل من يتصدى للدعوة إلى
الله عز وجل أن يجعل هذه الدعوة دعوة الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – في مواجهة
هذه المكايد التي يكيد بها الشيطان بني آدم على طريقة الرسل ، واجهْ هذه المكايد ،
أول شيء تريد أن تبدأ به في إصلاح شعب من الشعوب هو البدء بالتوحيد ، سواء الشعوب
الإسلامية أو غير الإسلامية عندها انحراف شديد في هذا الباب ، فالداعي المخلص الذي
يريد أن يترسم خطى الأنبياء ويريد أن يصلح إصلاحاً صحيحاً فأول ما يبدأ به معالجة
هذا الانحراف ، فإذا رأيت داعية يسير على خطى الأنبياء ويبدأ بما بدأوا به من
الإصلاح؛ فثق أنه على هدى وعلى رشاد ، وإذا رأيته حاد يميناً ويساراً إلى السياسة
وغيرها ؛ فهذا يكون موضع ريبة ولا شك ، كيف يحيد عن دعوة شرعها الله للأنبياء
والتزمها الأنبياء من أولهم إلى آخرهم ، قال تعالى : (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ
أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ )(النحل: من
الآية36)، ما هو الطاغوت هنا ؟ لأن فيه الآن إطلاق الطاغوت على غير الطاغوت الذي
يقصده القرآن ، (وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) : عبادة الأوثان والشرك بالله عز وجل ،
فأصلح حطِّم هذه الطواغيت في نفوس أصحابها ، وبعد ذلك إذا صلحت عقائد الناس ؛ صلحت
سائر شؤون حياتهم ، فإذا رضي المسلم بالله رباً ومعبوداً لا معبود بحق سواه ؛ سوف
لا يخضع لقوانين شرق ولا غرب أبداً لأنه رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً فسيرفض
القوانين والتشريعات البشرية ، أما أن تبدأ بالانحراف السياسي – فقط – وتشغل الشباب
بهذه الأشياء وتسدل الستار على دعوة الأنبياء ؛ هذا خطأ فادح أول ما يصاب به الدعاة
أنفسهم ، أول ما ينالهم شر هذه الدعوة ، فلست - والله - أعلم من الله ، ولست أرحم
من الله ، ولست - والله - أغير من الله ، ولا أغير من رسل الله - عليهم الصلاة
والسلام – مهما ادعيت .
طريق الإصلاح واضح ، الأمة في كل زمان ، والأمة
الإسلامية من قرون تحتاج إلى الإصلاح العقائدي لأن الفساد العقائدي دبَّ إلى
المسلمين من قرون ، سواء في الأسماء والصفات التي أظن ما انحرفت فيها الأمم السابقة
، وفي توحيد العبادة ، إذا رحت تجوب بلاد العالم في أي بلد شئت ترى من الانحراف في
عقائد المسلمين وأعمالهم حول القبور ما يخجل منه اليهود والنصارى والوثنيون ، كيف
نتجاهل كل هذه الأشياء ونذهب نربي الشباب تربية سياسية فقط ، والشرك أمامهم ، الشرك
الذي حاربه الأنبياء وأفنوا حياتهم في محاربته وأهلك الله الأمم لمخالفتهم للأنبياء
في هذه المسألة بالذات ، ليست من أجل سياسة ولا غيرها ، أهلكهم من أجل مخالفة
الأنبياء في هذا الباب ، فيا شباب الإسلام لا يخدعنكم بريق السياسة ومطامعها
ومغرياتها ، عليكم بنهج الأنبياء ، ولهذا ترى أيَّ مصلح صادق مخلص عَرَفَ الإسلام
حق المعرفة أول ما يبدأ بمعالجة هذه الأشياء ، ابن تيمية – رحمه الله – جاء وقد
جثمت كوابيس الخرافات والبدع على الأمة الإسلامية شعوباً وحكومات ، فبدأ يعالج هذه
الأمور ، الانحرافات الشركية والانحرافات في باب أسماء الله وصفاته ، بدأ بهذه
الأمور .
وجاء الإمام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – الرجل الثاني والمجدد
الثاني حق التجديد بعد ابن تيمية ، وانطلق من حيث انطلق الرسل ومن حيث انطلق
المصلحون ، الذين يحملون رايات هذه الدعوات ولا يلتزمون هذا الباب ؛ ما عرفوا هذا
الباب ولا عرفوا قيمته ولا عرفوا خطورة الشرك ، بكل صراحة ما عرفوا هذه الأشياء ،
تربوا في بيئات لا تحفل بالعقائد ، وجدوا صراعات سياسية بين الأحزاب فأخرجوا
أحزاباً تحمل شعارات إسلامية لا يعرفون دعوة الأنبياء فجاءوا وأطبقوا بسياستهم على
شباب بلاد التوحيد ، وهم ما عرفوا التوحيد ولا عرفوا الشرك ولا أدركوا مكانة
التوحيد ولا خطورة الشرك فمع الأسف انتشرت دعواتهم في بلاد التوحيد على خلاف منهج
الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام - ، وهذا والله غزو فكري مركز على أبناء التوحيد ،
ونحن نكافح من سنين لتعود الأمور إلى نصابها ، ولكن الشباب مخدوعون – مع الأسف
الشديد – وينقادون لمن يركض بهم في ميادين بعيدة عن ميادين الرسل – عليهم الصلاة
والسلام -، وعن ميادين المصلحين ، فيجب على الشباب أن يفيق وأن يدرك أهمية التوحيد
.
والله لا نرى ولاء ولا براء في كثير من الشباب على توحيد الله ، وتجد كثيراً
من الشباب يوالي عباد القبور وأعداء التوحيد ، ويحارب حملة راية التوحيد ، هذا
موجود ، وما سببه إلا تلاعب هؤلاء الجهلة بعقول شباب التوحيد وأبناء التوحيد ، جهلة
ما عرفوا توحيد الله ولا عرفوا دعوة الأنبياء ، ولا عرفوا مكانة هذه الدعوة ، ما
عرفوها ، وجاءوا في وقتٍ أقام الإنجليز في الدول الغربية وفي بلاد المسلمين أحزاباً
، هذا بعثي ، وهذا شيوعي ، وهذا علماني ، وهذا كذا ، فقال السياسيون الإسلاميون :
نقيم أحزاباً سياسية ، ويدخلون في صراعات مع الأحزاب هذه ومع الحكومات ، كله صراع
سياسي ، والإسلام ، والإسلام ، والإسلام ، شعارات فقط ، وجدوا العلمانية ، الشيوعية
، البعثية ، منبوذة في بلاد المسلمين ، قالوا : نرفع شعارات إسلامية ، فرفعوا
شعارات إسلامية لكنها جوفاء ، والله جوفاء ميتة ، لأنها خالية من الاهتمام بالتوحيد
ومحاربة الشرك ، ولهذا ترى منابع هذه الدعوات التي غزت هذه البلاد ملوثة بالشرك ،
ولم يغيروا في بلدانهم شيئاً ، وإلى يومك هذا يموت كبار أساطين هذه الدعوات يموتون
على الخرافات والبدع ، بل ويذهبون إلى القبور ويقدمون لها النذور ويقدمون لها
الزهور ويركعون لهذه القبور ، الشرك عندهم لا خطورة فيه أبداً ، والتوحيد هذا لا
قيمة له عندهم ، بل يرون أنه يُفرِّق الأمة ، كيف ما يعقل أبناء التوحيد هذه
المكايد وهذه البلايا التي دهمتهم وفرَّقتهم ومزقتهم لأجل دعوات جوفاء ، (وَمَا
أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ
إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (الانبياء:25)، لا إله إلا الله ، هذه ( لا إله إلا
الله ) : لا حاكم إلا الله – عندهم ، أخص خصائص الألوهية (لا حاكم إلا الله ) ، هذا
التفسير يجعلك ترى الشرك أمامك كأنك لم ترَ شيئاً ، الشرك الذي يحاربه الأنبياء لا
تراه شيئاً ، هذا التفسير تحريف لمعنى ( لا إله إلا الله ) ، ثم جعلوه نوعاً رابعاً
من أقسام التوحيد ، حيلة ، ثم بعد أيام يُسَرِِّبون المعاني الأساسية للا إله إلا
الله وتبقى الحاكمية ، افهموا المكايد السياسية .
( لا إله إلا الله ) معناها :
لا معبود بحق إلا الله ، ما هي العبادة ؟ الصلاة ، الصوم ، الزكاة ، الحج ، الذبح ،
النذر ، التوكل ، الرجاء ، الرغبة ، الرهبة ، هذه تُصرَف لله وحده لا تصرف لأحد ،
أما ( لا حاكم إلا الله ) فلا تدخل في معنى ( لا إله إلا الله ) أبداً ، لأن ما
معنى ( لا إله إلا الله ) ؟ لا معبود بحق إلا الله ، عابد ومعبود ، الله معبود ،
والمخلوقون عابدون ، فالعبادة : فعل المخلوقين ، افهموا هذا ، العبادة فعل
المخلوقين يتقربون بها إلى الله ، يركع ، يسجد ، يخضع ، يبكي ، يتوكل ، يرجو ، يخاف
، هذه كلها صفات وأفعال المخلوقين ، ليست صفات الخالق ، تعالى الله عن ذلك ، فإذا
قلنا ( لا حاكم إلا الله ) معناها : لا عابد إلا الله ، تعالى الله وتنزَّه عن ذلك
، افهموا هذا التفسير باطل ، الذي نَكَب المسلمين هو التفسيرات الفاسدة للا إله إلا
الله ، والله نُكِب المسلمون بالتفاسير الباطلة من المتكلمين والفلاسفة وغيرهم ،
قالوا: ( لا إله إلا الله ) معناها : لا خالق لا رازق ، لا محيي ، لا مميت إلا الله
، تراه يعبد القبر ، يذبح ، ينذر ، يسجد ، يقول لك : يا أخي ! أنا لا أعبده ، أنا
لا اعتقد فيه أنه يضر أو ينفع ، لأن الضار النافع هو الله ، أنا لا أقول : إنه خالق
، لأني أعتقد أن الخالق هو الله ، لكن لا يفهم أن أعماله هذه التي يتقرب بها إلى
الأموات وغيرهم هي العبادة التي تنافي ( لا إله إلا الله ) ، فهموا ( لا إله إلا
الله ) فهماً سيئاً خاطئاً بعيداً كل البعد عن المعنى الأساسي للا إله إلا الله ،
والذي جاء به جميع الأنبياء ، فراحوا يذبحون لغير الله ، وينذرون لغير الله ،
ويستغيثون بغير الله ، وصنوف الشرك وقعوا فيها ، لماذا ؟ لجهلهم بمعنى ( لا إله إلا
الله ) ، فلما تأتي السياسة – في هذا العصر – وتُضيف معنى جديداً إلى هذه التفسيرات
الفاسدة ؛ زاد الناس هلاكاً .
والله لو لا بقايا قوة دعوة الإمام محمد بن عبد
الوهاب والمنهج السلفي – في هذا البلد – لرأيتَ الآن أهل هذا البلد يسجدون للقبور ،
لكن هذه حمتهم ، ولكنها إلى حين – إن لم يُتدارك الأمر ، الأمر خطير والمسألة ليست
بالسهلة حتى ننام عنها وندغدغ عواطف من يعبثون بعقول الشباب ونتملقهم ونسكت عنهم بل
نؤيدهم ونشجعهم على هذا الانحراف السياسي الذي دهموا به هذه البلاد ، بلاد التوحيد
.
محمد بن عبد الوهاب وإخوانه وأبناؤه وأنصاره قد بذلوا جماجمهم لتصحيح معنى (
لا إله إلا الله ) ، فتأتي هذه السياسة الجاهلية فتُحبِط هذه الجهود العظيمة وتضع
بديلاً لها معانٍ سياسية من أناس ما عرفوا دعوة الأنبياء ، بل يحاربونها ويهوِّنون
من شأنها ، ويَصرفون الناس عنها ، لأن أكثر هؤلاء السياسيين خرافيون قبوريون ،
السياسيون الذين وضعوا هذه الأشياء أكثرهم قبوريون خرافيون أعداء لدعوة الإمام محمد
بن عبد الوهاب ، ولهذا خططوا الخطط الخطيرة لنسف هذه الدعوة ، والله ركَّزوا على
أبناء هذه البلاد ، وبذلوا من الجهود والمكايد ما لم يُبذَل مثله في الدنيا كلها ،
فتجد كثيراً من أبناء هذه البلاد يُصدِّر هذه الدعوات الفاسدة إلى العالم ، ويرصد
لها من الأموال ما لو سخَّره في سبيل الله لغيَّر واقع كثير وكثير من الخرافيين
.
والله لولا هذا الغزو الماكر لرأيتَ العالم الإسلامي على غير الحال التي
يعيشها الآن من الذل والهوان ، لأن الناس بدأوا يعرفون دعوة الإمام محمد بن عبد
الوهاب .