السؤال الخامس:
نريد كلامًا بالتفصيل في المدرسة السلفية بالإسكندرية والتي من أشهر دعاتها: الدكتور ياسر برهامي، والدكتور محمد إسماعيل المقدم، هل هم على الجادة، وهل تنصحون بهم؟
الشيخ:
شوف يا أخي الكريم، أي داعي وأي مدرسة سمُّوا أنفسهم بأهل السنة، أو بأهل الحديث، أو بالسلفيين، الكلمة المَطَّاطة التي أصبحت مَطِيَّة لمن يريد أن يكسب الناس، والله يا فلان إيش انتَ؟ قال: أنا سلفي، الله أكبر! سلفي؟! إذًا سَلِّموا أعناقكم له، فهذه كلمة صارت كلمة مطاطة، كل من يريد أن يخدع الشباب قال: والله أنا سلفي، أدعوا لما كان عليه السلف أحمد، والشافعي، ومالك، لكن تراه في حياته العملية وفي دعوته بينه وبين السلف الصالح كما بين المشرق والمغرب.
إذًا أولاً لابد نفهم، ينبغي أن لا نُخْدَع بالأسماء، أو بالمسميات، إنما يُنظر إلى دعوة الرجل، يُنظر إلى عِلم الرجل، يُنظر إلى ثمرة دعوته، وإلى تلامذته؛ فإن وجدت الدعوة على منهاج السنة والسلف الصالح، وعلى الحديث، واجتناب البدعة، وتعظيم العلماء، عندئذٍ حكمنا بأن هذا الرجل من أهل الحديث، وأنه من السلف، وأنه سلفي، وأنه على الحق، أما التسميات البَرَّاقة، الجَذَّابة التي لا تحمل في حقيقتها دعوة منهجية عملية يظهر حقها في الدنيا والوجود وتظهر ثمرتها فنقول كما قال ربنا -سبحانه وتعالى-: ((لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ)).
هذه المدرسة يا أخي المسماة بمدرسة الإسكندرية، هؤلاء كان لهم جهد عظيم لا ينكره إلا حاقد أو حاسد، وأنت تذكر في السؤال أنك تريد إجابة تفصيلية، إذًا نبتدأ مع القوم، من وقت ما بدؤوا دعوتهم، هؤلاء يا أخي بدؤوا دعوتهم من قُرابة عشرين سنة أو زيادة، وكانوا يدعون الناس إلى السنة، وإلى اجتناب البدع، ويُرَكِّزون في العقائد، وفي كلام ابن تيمية وو إلى آخره؛ ثم بعد ذلك اختلطت الأمور، واضطربت، لأسباب الآن ليس وقت بيانها، واضطربت الأمور ليس في مصر فقط، بل في بلاد الحجاز، وبلاد اليمن، وبلاد الشام، وبلاد المغرب العربي، ومصر، وتغير حال كثير من هؤلاء الدعاة؛ لذلك لا يهمنا كيف بدؤوا، يهمنا إلى ما انتهوا، الآن ما هي دعوتهم؟
إحنا من حُبِّنا لهؤلاء الناس كنا نزورهم في الإسكندرية، ومن 15 سنة كان جانا شاب من تلامذة الشيخ ابن عثيمين وزُرنا الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم في بيته في الإسكندرية، وكان بيته في عمارة في الدور السادس أو السابع، ما أدري هو ما زال موجود أم لا.
المهم، هؤلاء الآن دعوتهم دعوةٌ حزبية، تكفيرية، متميعة، وهذا الكلام لا نقوله شهوة ورغبة من أنفسنا، هذا هو واقعهم وندلل عليه:
هؤلاء يا أخي أولاً: يُرَبُّون تلامذتهم على تعظيم أهل البدع، وأنا أضرب لك مثالاً الآن، محمد بن إسماعيل المقدم اللي هو يعتبر من كبار مدرسة الإسكندرية له كلام لَمَّا تكلم عن سيد قطب، فمدحه مدحًا عظيمًا، وماذا قال؟: "عاش سيدًا ومات قطبًا، وقَدَّم روحه للإسلام" ومَجَّد الرجل تمجيدًا عظيمًا.
السائل:
ذكره في كتاب "علو الهمة".
الشيخ:
هو ذكره في كتاب "علو الهمة" هذا، وكذلك أحمد فريد، ومحمد حسان، يقول: "إني أحبه في الله" عن سيد قطب، ويُثْنِي عليه ثناءً عظيمًا.
الآن هؤلاء يتفقون معنا أن السلف كانوا على الحق، الآن نأتي بكلام السلف، الذي هو مُسْتَنْبَطٌ من الكتاب والسنة، يقول الإمام أحمد: "إذا رأيت الرجل يتكلم في رجلٍ من أصحاب رسول الله، فاتهمه على الإسلام"، ويقول أبو زُرعة إمام أهل السنة في زمنه، يقول: "إذا رأيت الرجل يُطْلِقَ لسانه في أصحاب رسول الله، فاعلمْ أنه زنديق"، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من سَبَّ أصحابي فعليه لعنة الله). هذا سيد قطب يُكَفِّر الصحابة، ويقول عن عثمان: "أدركته الخلافة وهو رجل خَرِف، يتلاعب به مَرْوان"، ويقول: "وعندما يهوي عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان إلى الكذب، والخداع، والنفاق، والرشوة، وشراء الذمم، فإن علي بن أبي طالب يأنف أن يصل إلى هذا الدرك الأسفل، فلا عجب ينجحان ويفشل" هذا كلامه!
الآن ما هي قواعد السلف فيمن قَدَح في الصحابة؟ الإمام أحمد بن حنبل يروي الخلاَّل عن أبي الحارث بالسند الصحيح، أن أبا الحارث قال: سُئِلَ أحمد عن أناس يتوقفون في معاوية بن أبي سفيان يقولون: "لا نقول خال المؤمنين"، معاوية أخو أم حبيبة، أم حبيبة زوجة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأهل السنة يقولون: "هو خال المؤمنين"؛ لأنه هو أخو أم حبيبة، فقيل للإمام أحمد: "هؤلاء جماعة يتوقفون في معاوية لا يقولون خال المؤمنين"، فقال أبو عبد الله -وقد غَضِب- قال: "ما لهم والتوقف في ذلك! يُجْفَوْن حتى يتوبوا" يجفون، يجفون حتى يتوبوا، هل قَدَحوا في معاوية؟ لا، توقفوا أن يقولوا "خال المؤمنين"، وهذا سَيِّد يُكَفِّر معاوية، ويقول: "إنَّ بني أُمَيَّة دخلوا الإسلام ليكيدوا الإسلام من داخله، لَمَّا عجزوا أن يكيدوه علنًا، ولم تؤمن قلوبهم وإنما أسلموا في ظاهر الأمر لكي يهدموا الإسلام"، هذا يقوله في أبي سفيان، يقوله في معاوية كاتب الوحي، ما هو موقف هذه المدرسة؟ هؤلاء يمتدحونه ليل نهار، لماذا؟ لأنهم يسيرون على مسلكه، ويسلكون طريقه، هذا أحمد فريد، وهذا محمد بن إسماعيل، وهذا ياسر برهامي، ومحمد حسان، كلهم يقولونه.
كذلك تجد أنهم يمنعون من باب الجرح؛ كلما جُرِحَ في أهل البدع، يقولون يجب أن يُسدَّ هذا الباب، لأن هذا باب فتنة، وهذا كلامهم معروف، يمكن أنتم أحفظ لكلامهم مني.
ولذلك وإحنا في العمرة الماضية كنت أنا راجع من مكة، خدت غرفة في الباخرة، وفي الطريق كان معاي في الاتجاه إلى الباخرة رجل ملتحي يبلغ من العمر 45، 50، فكان -جزاه الله خيرًا- يساعدني، أحيانًا يشيل الشنطة، أحيانًا يشيل ابني، وبقينا يومًا كاملاً مع بعض، حتى دخلنا الباخرة وكل واحد فينا خد غرفته، فسألته، قلت: "والله يا شيخ أنا شأني وشأنك عجيب! إحنا لينا يوم كامل مع بعض، وبتنا مع بعض، ولا أنا عرفتك ولا انت عرفتني"، اتعرفت عليه ..
قاللي: "أنا ياسر برهامي".
قلت له: "انت الشيخ ياسر بتاع إسكندرية؟"
قال لي: "نعم".
فتعانقت معاه وسلمت عليه، قلت له: "الآن هذه فرصة لن تعود"، إيش هي؟
قلت: "يا شيخ أجلس معاك"، باختصار كلام طويل حتى نختصر، جلست معاه قُرابة الساعتين متواصل، فسألته، قلت: "أنتم ضَيَّعتم شباب مصر".
قال: "كيف؟"
فأوردت له هذا الكلام، "أنتم يا أخي تمدحون أهل البدع، وأنتم تقدحون في العلماء بسكوتكم عن هؤلاء التكفيريين"، ودار كلام طويل لمدة ساعتين، أقسم بالله لقد أَقَرَّنِي على كل ما قلته؛ لكنه استدرك شيئًا واحدًا، قال: "نحن –يعني- لا نريد أن نَزيد الفُرقة، ولا نريد أن -يعني- يَتَبَلْبَل الشباب، كفانا فُرقة.
قلت له: "يا أخي، لَمَّا ظهر هذا الفكر المُبْتَدَع والفكر التكفيري في بلاد الحجاز، سكت علماء السنة في الحجاز؟" قلت له: "ابن باز وابن عثيمين كذا كذا، قالوا كذا كذا، وحتى منعوا سلمان وسَفَر من المحاضرات؛ لما ظهر هذا الفكر في اليمن، سكت أئمة أهل السنة كمُقْبِل؟ لَمَّا ظهر هذا الفكر في بلاد الشام، سكت الألباني وأئمة أهل السنة؟ يا شيخ، الفتنة بسكوتكم أعظم من الفتنة بنقد أهل البدع، بل إن سكوتكم هو الفتنة، ضَيَّعتم شباب مصر يا شيخ، 80% من شباب مصر يتبنون الفكر التكفيري بسكوتكم"، ودار كلام، قال: "إن شاء الله خير، و.." الكلام الإيه؟ المُرِيح يعني.
إذًا هذه المدرسة باختصار: أين موقفهم من التكفير؟ أين موقفهم من أهل البدع؟ أين موقفهم في الذين يتهمون العلماء ويتهمون علماء السنة الذين لا يكفرون الحكام بأنهم مرجئة؟
وقلت له هذا الكلام، قال: "والله ما أعرف هذا الكلام!"
قلت له: "انتو تعيشوا .. انت بتعيش في مكان في غير مصر؟ انتوا في مصر يا شيخ! إن لم تعلم أحوال الدعوة، كيف أنت تكون داعية؟ فلان يقول كذا."
قال: "أنا أول مرة أسمع هذا الكلام!"
قلت: "يا شيخ! هذه أمانة، كيف لا تتابع؟! أنتم تمدحون أهل البدع، أين كلامكم في الجماعات؟ ما في، أين كلامكم في قواعد التكفير؟ أين كلامكم في الحاكمية؟ أين منافحتكم عن أئمة أهل السنة؟ أنتم تُعَظِّمون أهل البدع! تُعَظِّمون رجلاً يُكَفِّر أصحاب محمد! أبو زُرعة -أستحلفك بالله- ماذا كان موقف السلف ممن يكفر الصحابة؟"
قال: "مبتدع!"
قلت: "أنتم تفعلون هذا؟! حكمتم على هذا الرجل بالابتداع وهو يكفر الصحابة؟ والله لو إن سيد قطب كَفَّر رجلاً منكم لشَهَّرْتُم به على رؤوس المنابر، والله لو كان سَبَّ أبا أحدكم لما سكت، دا بيكفر الصحابة! ويُطْبَع كتاب ويملأ الدنيا، وأنتم تقولون: "شهيد الإسلام .. نرجوا [من] الله له الشهادة"، تقولون: "قَدَّم روحه، وو .." تقولون: "عاش سيدًا ومات سيدًا، وعاش قطبًا ومات .."، لو أحمد بن حنبل موجود وسمعكم تفعلون ذلك، ماذا يقول عنكم؟
إذًا هذه المدرسة مدرسة مُشَوَّشة، على علاقة بجمعية التُّراث اللي حدثني الشيخ محمد بن عبد الوهاب البنا -وهو من الراسخين من أهل العلم، يعني هو من شيوخ شيوخنا- قال: "والله هذه الجمعية تَصُدُّ الناس عن الدين، وتحارب السنة"، وهم على علاقة بعبد الرحمن عبد الخالق، وعبد الرحمن أمره معروف، وهم من تلامذته؛ لذلك هؤلاء يطلقون ألسنتهم في العلماء، وحبيبهم الحويني آخر كلمة قالها من شهر فات، قال: "الشيخ ربيع رجل أحمق"، وهذا بَعَتّ له تلميذ من تلامذتي من شهر، وسأله هناك في الهرم، قال: "يا شيخ، ينسبون إليك أنك تتكلم في الإمام إمام أهل السنة الشيخ ربيع"، قال: يا ابني دا علمه أَدّ كده بالنسبة لِيَّا! دا رجل أحمق"، رجل أحمق يقول عنه ابن عثيمين لما سُئِلَ عنه، قال: "من العجيب أن يُسْأل أمثالنا عن الشيخ ربيع، الشيخ ربيع يُسأل عن أمثالنا"، ويقول عنه الشيخ الألباني: "حامل راية الجرح والتعديل"، هؤلاء المساكين يقولون عنه أحمق! فلذلك هؤلاء إنما نعرف الرجل بأثر دعوته، وليس بِاسم دعوته، من تَسَمَّى باسم السنة ولم يظهر على دعوته أثرها فلا خير فيه، واغسل يديك منه، واضح؟
ومن تَسَمَّى باسم الإسلام مجردًا، ونافح عن السنة فهو من أهل السنة، وإن لم يجعل لنفسه اسمًا معينًا، وإن كان السلف يُطلقون الاسم تَمَيُّزًا عن أهل البدع؛ لكن ليست القضية قضية مدرسة سلفية مدرسة خَلَفية، القضية قضية تحقيق الدعوة على أرض الواقع، ولذلك كانوا يسألون: "ماذا تقولون في فلان؟" -كما يقول سفيان الثوري- يقولون: "من أهل السنة"، "من بِطَانته؟ يجالس مَن؟" قالوا: "يجالس المرجئة"، قال: "هو مرجئ".
إذًا هذه هي مدرسة الإسكندرية، وهذه هي اللي آل حالها الآن، نعم كانت قديمًا كان لهم جهد وكان وكان، لا نُنْكر هذا؛ لكن نسأل الله أن يحفظنا وأن لا يَفْتِنَّا، فهمت عَلَيَّ؟ هذا حالهم الآن.
السائل:
هل هم يكفرون الحاكم ...؟
الشيخ:
يا أخي قضية تكفير الحاكم يَتَبَنَّوْنَهَا، وياسر برهامي في السفينة كلمته، قلت: "ماذا تقولون في قول ابن عباس: "كفر دون كفر"؟" وشرحت له المسألة، والله العظيم ما تكلم، والله العظيم ما نطق؛ لكن رجعت إلى كتبه يكفرون الحكام بإطلاق، في رسائله الموجودة، ووقفت على كتابه، وهذا أمر فيما بينهم مُشتهر، فهمت عليَّ؟ لكن سبحان الله لَمَّا كلمته أنا في السفينة هذه، جلست معه ساعتين تقريبًا متواصلة من بعد العصر، وكلمته في هذه المسائل، كلمته في قضية التكفير، ما تكلم شيئًا، كان كله يقول: "إن شاء الله، إن شاء الله، أستغفر الله، إن شاء الله"، وأنا تمنيت لو كانت هذه الجلسة مسجلة؛ لكن قدر الله وما شاء فعل.
يُكَفِّرون الحكام، يُقِرُّون أحوال المظاهرات، يُدَرِّبون الشباب على السلاح كما ثبت عندي من عدة طرق من طريق الثِقات، يدربون الشباب على الرماية، وعلى تصنيع القنابل، هذا أمر خطأ، هناك عُرِف أصلاً، حتى الجهات الأمنية هناك في إسكندرية عرفوا هذا، وبناءً على هذا اعتقل الرجل فترة، هل هذا كله من فهم السلف ومنهج السلف؟! هؤلاء مساكين، ولذلك تميعوا، وضاعوا، وضيعوا الشباب معهم، فهمت عليَّ؟ أينعم
منقول
نريد كلامًا بالتفصيل في المدرسة السلفية بالإسكندرية والتي من أشهر دعاتها: الدكتور ياسر برهامي، والدكتور محمد إسماعيل المقدم، هل هم على الجادة، وهل تنصحون بهم؟
الشيخ:
شوف يا أخي الكريم، أي داعي وأي مدرسة سمُّوا أنفسهم بأهل السنة، أو بأهل الحديث، أو بالسلفيين، الكلمة المَطَّاطة التي أصبحت مَطِيَّة لمن يريد أن يكسب الناس، والله يا فلان إيش انتَ؟ قال: أنا سلفي، الله أكبر! سلفي؟! إذًا سَلِّموا أعناقكم له، فهذه كلمة صارت كلمة مطاطة، كل من يريد أن يخدع الشباب قال: والله أنا سلفي، أدعوا لما كان عليه السلف أحمد، والشافعي، ومالك، لكن تراه في حياته العملية وفي دعوته بينه وبين السلف الصالح كما بين المشرق والمغرب.
إذًا أولاً لابد نفهم، ينبغي أن لا نُخْدَع بالأسماء، أو بالمسميات، إنما يُنظر إلى دعوة الرجل، يُنظر إلى عِلم الرجل، يُنظر إلى ثمرة دعوته، وإلى تلامذته؛ فإن وجدت الدعوة على منهاج السنة والسلف الصالح، وعلى الحديث، واجتناب البدعة، وتعظيم العلماء، عندئذٍ حكمنا بأن هذا الرجل من أهل الحديث، وأنه من السلف، وأنه سلفي، وأنه على الحق، أما التسميات البَرَّاقة، الجَذَّابة التي لا تحمل في حقيقتها دعوة منهجية عملية يظهر حقها في الدنيا والوجود وتظهر ثمرتها فنقول كما قال ربنا -سبحانه وتعالى-: ((لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ)).
هذه المدرسة يا أخي المسماة بمدرسة الإسكندرية، هؤلاء كان لهم جهد عظيم لا ينكره إلا حاقد أو حاسد، وأنت تذكر في السؤال أنك تريد إجابة تفصيلية، إذًا نبتدأ مع القوم، من وقت ما بدؤوا دعوتهم، هؤلاء يا أخي بدؤوا دعوتهم من قُرابة عشرين سنة أو زيادة، وكانوا يدعون الناس إلى السنة، وإلى اجتناب البدع، ويُرَكِّزون في العقائد، وفي كلام ابن تيمية وو إلى آخره؛ ثم بعد ذلك اختلطت الأمور، واضطربت، لأسباب الآن ليس وقت بيانها، واضطربت الأمور ليس في مصر فقط، بل في بلاد الحجاز، وبلاد اليمن، وبلاد الشام، وبلاد المغرب العربي، ومصر، وتغير حال كثير من هؤلاء الدعاة؛ لذلك لا يهمنا كيف بدؤوا، يهمنا إلى ما انتهوا، الآن ما هي دعوتهم؟
إحنا من حُبِّنا لهؤلاء الناس كنا نزورهم في الإسكندرية، ومن 15 سنة كان جانا شاب من تلامذة الشيخ ابن عثيمين وزُرنا الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم في بيته في الإسكندرية، وكان بيته في عمارة في الدور السادس أو السابع، ما أدري هو ما زال موجود أم لا.
المهم، هؤلاء الآن دعوتهم دعوةٌ حزبية، تكفيرية، متميعة، وهذا الكلام لا نقوله شهوة ورغبة من أنفسنا، هذا هو واقعهم وندلل عليه:
هؤلاء يا أخي أولاً: يُرَبُّون تلامذتهم على تعظيم أهل البدع، وأنا أضرب لك مثالاً الآن، محمد بن إسماعيل المقدم اللي هو يعتبر من كبار مدرسة الإسكندرية له كلام لَمَّا تكلم عن سيد قطب، فمدحه مدحًا عظيمًا، وماذا قال؟: "عاش سيدًا ومات قطبًا، وقَدَّم روحه للإسلام" ومَجَّد الرجل تمجيدًا عظيمًا.
السائل:
ذكره في كتاب "علو الهمة".
الشيخ:
هو ذكره في كتاب "علو الهمة" هذا، وكذلك أحمد فريد، ومحمد حسان، يقول: "إني أحبه في الله" عن سيد قطب، ويُثْنِي عليه ثناءً عظيمًا.
الآن هؤلاء يتفقون معنا أن السلف كانوا على الحق، الآن نأتي بكلام السلف، الذي هو مُسْتَنْبَطٌ من الكتاب والسنة، يقول الإمام أحمد: "إذا رأيت الرجل يتكلم في رجلٍ من أصحاب رسول الله، فاتهمه على الإسلام"، ويقول أبو زُرعة إمام أهل السنة في زمنه، يقول: "إذا رأيت الرجل يُطْلِقَ لسانه في أصحاب رسول الله، فاعلمْ أنه زنديق"، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من سَبَّ أصحابي فعليه لعنة الله). هذا سيد قطب يُكَفِّر الصحابة، ويقول عن عثمان: "أدركته الخلافة وهو رجل خَرِف، يتلاعب به مَرْوان"، ويقول: "وعندما يهوي عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان إلى الكذب، والخداع، والنفاق، والرشوة، وشراء الذمم، فإن علي بن أبي طالب يأنف أن يصل إلى هذا الدرك الأسفل، فلا عجب ينجحان ويفشل" هذا كلامه!
الآن ما هي قواعد السلف فيمن قَدَح في الصحابة؟ الإمام أحمد بن حنبل يروي الخلاَّل عن أبي الحارث بالسند الصحيح، أن أبا الحارث قال: سُئِلَ أحمد عن أناس يتوقفون في معاوية بن أبي سفيان يقولون: "لا نقول خال المؤمنين"، معاوية أخو أم حبيبة، أم حبيبة زوجة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأهل السنة يقولون: "هو خال المؤمنين"؛ لأنه هو أخو أم حبيبة، فقيل للإمام أحمد: "هؤلاء جماعة يتوقفون في معاوية لا يقولون خال المؤمنين"، فقال أبو عبد الله -وقد غَضِب- قال: "ما لهم والتوقف في ذلك! يُجْفَوْن حتى يتوبوا" يجفون، يجفون حتى يتوبوا، هل قَدَحوا في معاوية؟ لا، توقفوا أن يقولوا "خال المؤمنين"، وهذا سَيِّد يُكَفِّر معاوية، ويقول: "إنَّ بني أُمَيَّة دخلوا الإسلام ليكيدوا الإسلام من داخله، لَمَّا عجزوا أن يكيدوه علنًا، ولم تؤمن قلوبهم وإنما أسلموا في ظاهر الأمر لكي يهدموا الإسلام"، هذا يقوله في أبي سفيان، يقوله في معاوية كاتب الوحي، ما هو موقف هذه المدرسة؟ هؤلاء يمتدحونه ليل نهار، لماذا؟ لأنهم يسيرون على مسلكه، ويسلكون طريقه، هذا أحمد فريد، وهذا محمد بن إسماعيل، وهذا ياسر برهامي، ومحمد حسان، كلهم يقولونه.
كذلك تجد أنهم يمنعون من باب الجرح؛ كلما جُرِحَ في أهل البدع، يقولون يجب أن يُسدَّ هذا الباب، لأن هذا باب فتنة، وهذا كلامهم معروف، يمكن أنتم أحفظ لكلامهم مني.
ولذلك وإحنا في العمرة الماضية كنت أنا راجع من مكة، خدت غرفة في الباخرة، وفي الطريق كان معاي في الاتجاه إلى الباخرة رجل ملتحي يبلغ من العمر 45، 50، فكان -جزاه الله خيرًا- يساعدني، أحيانًا يشيل الشنطة، أحيانًا يشيل ابني، وبقينا يومًا كاملاً مع بعض، حتى دخلنا الباخرة وكل واحد فينا خد غرفته، فسألته، قلت: "والله يا شيخ أنا شأني وشأنك عجيب! إحنا لينا يوم كامل مع بعض، وبتنا مع بعض، ولا أنا عرفتك ولا انت عرفتني"، اتعرفت عليه ..
قاللي: "أنا ياسر برهامي".
قلت له: "انت الشيخ ياسر بتاع إسكندرية؟"
قال لي: "نعم".
فتعانقت معاه وسلمت عليه، قلت له: "الآن هذه فرصة لن تعود"، إيش هي؟
قلت: "يا شيخ أجلس معاك"، باختصار كلام طويل حتى نختصر، جلست معاه قُرابة الساعتين متواصل، فسألته، قلت: "أنتم ضَيَّعتم شباب مصر".
قال: "كيف؟"
فأوردت له هذا الكلام، "أنتم يا أخي تمدحون أهل البدع، وأنتم تقدحون في العلماء بسكوتكم عن هؤلاء التكفيريين"، ودار كلام طويل لمدة ساعتين، أقسم بالله لقد أَقَرَّنِي على كل ما قلته؛ لكنه استدرك شيئًا واحدًا، قال: "نحن –يعني- لا نريد أن نَزيد الفُرقة، ولا نريد أن -يعني- يَتَبَلْبَل الشباب، كفانا فُرقة.
قلت له: "يا أخي، لَمَّا ظهر هذا الفكر المُبْتَدَع والفكر التكفيري في بلاد الحجاز، سكت علماء السنة في الحجاز؟" قلت له: "ابن باز وابن عثيمين كذا كذا، قالوا كذا كذا، وحتى منعوا سلمان وسَفَر من المحاضرات؛ لما ظهر هذا الفكر في اليمن، سكت أئمة أهل السنة كمُقْبِل؟ لَمَّا ظهر هذا الفكر في بلاد الشام، سكت الألباني وأئمة أهل السنة؟ يا شيخ، الفتنة بسكوتكم أعظم من الفتنة بنقد أهل البدع، بل إن سكوتكم هو الفتنة، ضَيَّعتم شباب مصر يا شيخ، 80% من شباب مصر يتبنون الفكر التكفيري بسكوتكم"، ودار كلام، قال: "إن شاء الله خير، و.." الكلام الإيه؟ المُرِيح يعني.
إذًا هذه المدرسة باختصار: أين موقفهم من التكفير؟ أين موقفهم من أهل البدع؟ أين موقفهم في الذين يتهمون العلماء ويتهمون علماء السنة الذين لا يكفرون الحكام بأنهم مرجئة؟
وقلت له هذا الكلام، قال: "والله ما أعرف هذا الكلام!"
قلت له: "انتو تعيشوا .. انت بتعيش في مكان في غير مصر؟ انتوا في مصر يا شيخ! إن لم تعلم أحوال الدعوة، كيف أنت تكون داعية؟ فلان يقول كذا."
قال: "أنا أول مرة أسمع هذا الكلام!"
قلت: "يا شيخ! هذه أمانة، كيف لا تتابع؟! أنتم تمدحون أهل البدع، أين كلامكم في الجماعات؟ ما في، أين كلامكم في قواعد التكفير؟ أين كلامكم في الحاكمية؟ أين منافحتكم عن أئمة أهل السنة؟ أنتم تُعَظِّمون أهل البدع! تُعَظِّمون رجلاً يُكَفِّر أصحاب محمد! أبو زُرعة -أستحلفك بالله- ماذا كان موقف السلف ممن يكفر الصحابة؟"
قال: "مبتدع!"
قلت: "أنتم تفعلون هذا؟! حكمتم على هذا الرجل بالابتداع وهو يكفر الصحابة؟ والله لو إن سيد قطب كَفَّر رجلاً منكم لشَهَّرْتُم به على رؤوس المنابر، والله لو كان سَبَّ أبا أحدكم لما سكت، دا بيكفر الصحابة! ويُطْبَع كتاب ويملأ الدنيا، وأنتم تقولون: "شهيد الإسلام .. نرجوا [من] الله له الشهادة"، تقولون: "قَدَّم روحه، وو .." تقولون: "عاش سيدًا ومات سيدًا، وعاش قطبًا ومات .."، لو أحمد بن حنبل موجود وسمعكم تفعلون ذلك، ماذا يقول عنكم؟
إذًا هذه المدرسة مدرسة مُشَوَّشة، على علاقة بجمعية التُّراث اللي حدثني الشيخ محمد بن عبد الوهاب البنا -وهو من الراسخين من أهل العلم، يعني هو من شيوخ شيوخنا- قال: "والله هذه الجمعية تَصُدُّ الناس عن الدين، وتحارب السنة"، وهم على علاقة بعبد الرحمن عبد الخالق، وعبد الرحمن أمره معروف، وهم من تلامذته؛ لذلك هؤلاء يطلقون ألسنتهم في العلماء، وحبيبهم الحويني آخر كلمة قالها من شهر فات، قال: "الشيخ ربيع رجل أحمق"، وهذا بَعَتّ له تلميذ من تلامذتي من شهر، وسأله هناك في الهرم، قال: "يا شيخ، ينسبون إليك أنك تتكلم في الإمام إمام أهل السنة الشيخ ربيع"، قال: يا ابني دا علمه أَدّ كده بالنسبة لِيَّا! دا رجل أحمق"، رجل أحمق يقول عنه ابن عثيمين لما سُئِلَ عنه، قال: "من العجيب أن يُسْأل أمثالنا عن الشيخ ربيع، الشيخ ربيع يُسأل عن أمثالنا"، ويقول عنه الشيخ الألباني: "حامل راية الجرح والتعديل"، هؤلاء المساكين يقولون عنه أحمق! فلذلك هؤلاء إنما نعرف الرجل بأثر دعوته، وليس بِاسم دعوته، من تَسَمَّى باسم السنة ولم يظهر على دعوته أثرها فلا خير فيه، واغسل يديك منه، واضح؟
ومن تَسَمَّى باسم الإسلام مجردًا، ونافح عن السنة فهو من أهل السنة، وإن لم يجعل لنفسه اسمًا معينًا، وإن كان السلف يُطلقون الاسم تَمَيُّزًا عن أهل البدع؛ لكن ليست القضية قضية مدرسة سلفية مدرسة خَلَفية، القضية قضية تحقيق الدعوة على أرض الواقع، ولذلك كانوا يسألون: "ماذا تقولون في فلان؟" -كما يقول سفيان الثوري- يقولون: "من أهل السنة"، "من بِطَانته؟ يجالس مَن؟" قالوا: "يجالس المرجئة"، قال: "هو مرجئ".
إذًا هذه هي مدرسة الإسكندرية، وهذه هي اللي آل حالها الآن، نعم كانت قديمًا كان لهم جهد وكان وكان، لا نُنْكر هذا؛ لكن نسأل الله أن يحفظنا وأن لا يَفْتِنَّا، فهمت عَلَيَّ؟ هذا حالهم الآن.
السائل:
هل هم يكفرون الحاكم ...؟
الشيخ:
يا أخي قضية تكفير الحاكم يَتَبَنَّوْنَهَا، وياسر برهامي في السفينة كلمته، قلت: "ماذا تقولون في قول ابن عباس: "كفر دون كفر"؟" وشرحت له المسألة، والله العظيم ما تكلم، والله العظيم ما نطق؛ لكن رجعت إلى كتبه يكفرون الحكام بإطلاق، في رسائله الموجودة، ووقفت على كتابه، وهذا أمر فيما بينهم مُشتهر، فهمت عليَّ؟ لكن سبحان الله لَمَّا كلمته أنا في السفينة هذه، جلست معه ساعتين تقريبًا متواصلة من بعد العصر، وكلمته في هذه المسائل، كلمته في قضية التكفير، ما تكلم شيئًا، كان كله يقول: "إن شاء الله، إن شاء الله، أستغفر الله، إن شاء الله"، وأنا تمنيت لو كانت هذه الجلسة مسجلة؛ لكن قدر الله وما شاء فعل.
يُكَفِّرون الحكام، يُقِرُّون أحوال المظاهرات، يُدَرِّبون الشباب على السلاح كما ثبت عندي من عدة طرق من طريق الثِقات، يدربون الشباب على الرماية، وعلى تصنيع القنابل، هذا أمر خطأ، هناك عُرِف أصلاً، حتى الجهات الأمنية هناك في إسكندرية عرفوا هذا، وبناءً على هذا اعتقل الرجل فترة، هل هذا كله من فهم السلف ومنهج السلف؟! هؤلاء مساكين، ولذلك تميعوا، وضاعوا، وضيعوا الشباب معهم، فهمت عليَّ؟ أينعم
منقول