في المراد من إطلاق الأمية في الحديث
السـؤال:
ما المرادُ
بوصف النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم هذه الأمة بالأُمِّـيَّة في قوله
صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لاَ نَكْتُبُ وَلاَ
نَحْسُبُ، الشَّهْرُ
هَكَذَا وَهَكَذَا»(١.)، يعني: مرَّة تسعة وعشرين، ومرَّة ثلاثين، فهل يُستفاد
منه نفي الكتابة والحساب؟
الجـواب:
الحمدُ لله
ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله
وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فالمراد
بالأُمَّة أكثر العرب، وأطلق عليهم وصف «الأُمية» بالاعتبار الغالب؛ لأنَّ الكتابة
فيهم كانت قليلةً ونادرةً وعزيزةً، وكذلك حساب النجوم وتسييرها، فلم يكونوا يعرفون
الكتابة والحساب إلاَّ النَّزْر اليسير، قال
الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ
رَسُولاً مِّنْهُمْ﴾ [الجمعة: 2]، وإضافة صفة «الأمية» للعرب في الحديث
إنما هي صفة كاشفة للواقع لا مفهوم لها، وليست علة لحكم؛ ذلك لأنَّ غير أُمَّة
الإسلام من الأُمم الأخرى كانت تضبط مواقيتَها بالكتاب والحساب، حيث يسطِّرون
الجداول ويضعونحروف الجُمَل ويحسُبون مسير الشمس
والقمر، حتى يتبيَّن لهم وقت استسرار القمر
ووقت الإبدار، وغير ذلك من الأمور، فالنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم بيَّن
أنَّ أُمَّته لا تكتب هذا الكتاب ولا تحسب هذا الحساب، فعاد كلامه صَلَّى اللهُ
عليه وآله وسَلَّم إلى نفي الكتاب والحساب فيما يتعلَّق بأيام الشهر الذي يُستدلُّ
به على استسرار الهلال وطلوعه. فعلَّق الحكمَ بالصوم والإفطارِ بالرؤية لرفع الحرج
عنهم في معاناة حساب التسيير. فَوَصْفُهُ لها «بالأُمِّية» صفةُ مدحٍ وكمالٍ من
جهة الاستغناء عن الكتاب والحساب بما هو أبين منه وأظهر وهو الرؤية للهلال، وهذا
بلا ريبٍ اليقينُ الذي لا يدخله الغَلَط بخلاف النتائج الفَلَكية، فضلاً أنَّ
تعليقَ حكمِ الصوم بالرؤية البصرية يستوي في معرفتها أهلُ الحساب وغيرُهم(٢).
والعلمُ عند
اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على
نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 28 من ذي القعدة 1429ﻫ
الموافق ﻟ: 24 نوفمبر 2008م
١- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب
الصوم، باب قول النبي لا نكتب ولا نحسب: (1814)، ومسلم في «صحيحه» كتاب الصيام،
باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية: (2511)، من حديث ابن عمر رضي الله
عنهما.
٢- للمزيد من الاطلاع راجع: «مجموع
الفتاوى» لابن تيمية: (25/174-176)، «فقه النوازل» لبكر أبو زيد: (147-178).
السـؤال:
ما المرادُ
بوصف النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم هذه الأمة بالأُمِّـيَّة في قوله
صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لاَ نَكْتُبُ وَلاَ
نَحْسُبُ، الشَّهْرُ
هَكَذَا وَهَكَذَا»(١.)، يعني: مرَّة تسعة وعشرين، ومرَّة ثلاثين، فهل يُستفاد
منه نفي الكتابة والحساب؟
الجـواب:
الحمدُ لله
ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله
وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فالمراد
بالأُمَّة أكثر العرب، وأطلق عليهم وصف «الأُمية» بالاعتبار الغالب؛ لأنَّ الكتابة
فيهم كانت قليلةً ونادرةً وعزيزةً، وكذلك حساب النجوم وتسييرها، فلم يكونوا يعرفون
الكتابة والحساب إلاَّ النَّزْر اليسير، قال
الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ
رَسُولاً مِّنْهُمْ﴾ [الجمعة: 2]، وإضافة صفة «الأمية» للعرب في الحديث
إنما هي صفة كاشفة للواقع لا مفهوم لها، وليست علة لحكم؛ ذلك لأنَّ غير أُمَّة
الإسلام من الأُمم الأخرى كانت تضبط مواقيتَها بالكتاب والحساب، حيث يسطِّرون
الجداول ويضعونحروف الجُمَل ويحسُبون مسير الشمس
والقمر، حتى يتبيَّن لهم وقت استسرار القمر
ووقت الإبدار، وغير ذلك من الأمور، فالنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم بيَّن
أنَّ أُمَّته لا تكتب هذا الكتاب ولا تحسب هذا الحساب، فعاد كلامه صَلَّى اللهُ
عليه وآله وسَلَّم إلى نفي الكتاب والحساب فيما يتعلَّق بأيام الشهر الذي يُستدلُّ
به على استسرار الهلال وطلوعه. فعلَّق الحكمَ بالصوم والإفطارِ بالرؤية لرفع الحرج
عنهم في معاناة حساب التسيير. فَوَصْفُهُ لها «بالأُمِّية» صفةُ مدحٍ وكمالٍ من
جهة الاستغناء عن الكتاب والحساب بما هو أبين منه وأظهر وهو الرؤية للهلال، وهذا
بلا ريبٍ اليقينُ الذي لا يدخله الغَلَط بخلاف النتائج الفَلَكية، فضلاً أنَّ
تعليقَ حكمِ الصوم بالرؤية البصرية يستوي في معرفتها أهلُ الحساب وغيرُهم(٢).
والعلمُ عند
اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على
نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 28 من ذي القعدة 1429ﻫ
الموافق ﻟ: 24 نوفمبر 2008م
١- أخرجه البخاري في «صحيحه» كتاب
الصوم، باب قول النبي لا نكتب ولا نحسب: (1814)، ومسلم في «صحيحه» كتاب الصيام،
باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية: (2511)، من حديث ابن عمر رضي الله
عنهما.
٢- للمزيد من الاطلاع راجع: «مجموع
الفتاوى» لابن تيمية: (25/174-176)، «فقه النوازل» لبكر أبو زيد: (147-178).