سؤال وجه لفضيلة الشيخ المحدث يحى
الحجوري - حفظه الله - على موقعه ، جاء فيه : هل الشيخ الألباني من مرجئة
الفقهاء ؟ فأجاب الشيخ قائلاً :
قال الله تعالى: ﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ
يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾ [الكهف:5]، الذين يقولون إن الشيخ الألباني
مرجئ (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبًا)، فالشيخ الألباني
رحمه الله عالم سلفي، رد على المرجئة والجهمية والقدرية، والجبرية
والبوذية والهندوسية، وسائر أهل الفرق، بما لم يرده هؤلاء الذين يتهمونه
بهذه التهمة، ولكنها كما قيل: شنشنة أعرفها من أخزم، لا تجد سلفيًا يتصدى
للباطل وأهله إلا ورموه بالعظائم والجرائم، فاعرف هذا، وقد اتهم شيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله بتهمة التشبيه، حتى قال بعضهم وهو ابن بطوطة:
إن شيخ الإسلام خطب خطبة ونزل ثم قال: إن الله ينزل عن كرسيه كما أنزل عن
هذا المنبر!! وهذا تشبيه خطير، وشيخ الإسلام رحمه الله كتبه طافحة بالرد
على المشبهة، وشيخ الإسلام كغيره من علماء السنة له اجتهادات يخطئ ويصيب،
وهذه هي حال البشر، فلا تجد عالمًا من علماء الدين إلا ولديه أخطاء، ومع
ذلك انتفعت الأمة بعلمه، والشيخ الألباني عنده قوة في الردود على
المخالفين، اقرأ مقدمة آداب الزفاف، وكذا مقدمة صفة الصلاة رد فيها على
المقلدة بالأحاديث والآثار، وانظر مقدمة شرح الطحاوية وكثير من كتبه،
فتراه يرد بكلام قوي جدًا، حتى ولو صدر الخطأ من بعض العلماء، ومن بعض
أصحاب المذاهب، ويرد على الحزبيين، وبعض من يرد عليهم قد يكون سني ولكن قد
يكون عنده شيء من العصبية فيرد عليه، وما كان أحد يستطيع أن يرفع رأسه في
زمنه، فلما مات خرج المبطلون بملازمهم وطعونهم، وأما شيخنا مقبل رحمه الله
تعالى فلم تظهر بعده مثل هذه الأمور لأن الدعوة في اليمن قوية وكذا قوة
طلابه، فمن أظهر شيئًا قمعوه، ومن ذلك طعون علي با بكر، حيث اتهمه بأنه
ليس بفقيه، وأنه من جهيماني، وغيرها من الطعون، ولكن طلاب العلم قمعوه
وأهانوه وردوا عليه فلم يرتفع رأسه، وكذا أحدهم طعن في كتاب شيخنا رحمه
الله المخرج من الفتنة، وغيرهم ممن يطعنون في الشيخ، ولكن لقوة الدعوة في
اليمن لم يستطع أحد أن يرفع رأسه، فالله حفظ دعوته وسمعته، وإلا فحساده
ملئ الدنيا، وأما بعض طلبة الشيخ الألباني رحمه الله وهداهم الله فشغل
نفسه بجمعية البر، فقد كانوا في زمنه رافعي الرؤوس ولهم سمعة مثل المسك،
فقد صان سمعتهم، وبعد موته تصارعوا مع بعض الناس في مسائل، ولم يقبلوا على
العلم والتعلم، وهجم عليهم أيضًا هذا المفتون أبو الحسن فشوهم، وهم لا
ينبغي لهم أن يخدعوا به، فبسبب هذه الأمور تشوهت سمعتهم، والجمعيات فاتنة
مفتنة، كجمعية البر وجمعية التراث والحكمة والإحسان وغيرها من الجمعيات،
فوالله ما هجمت على جماعة إلا أخدمتهم وخدرتهم وفتنتهم، ولهذه الأمور
وكثرة هجوم الفتن عليهم فتروا؛ حتى إن السلفيين انكمشوا عنهم، ولما
انكمشوا عنهم هجم عليهم القطبية وغيرهم من الحساد فشدوا عليهم.
والسلفيون عضد لكل سلفي، أما من أراد أن يقيم دعوة بدون إخوانه السلفيين
سواء كانوا في اليمن أو في الحجاز أو في الأردن أو في سائر بلاد العالم؛
فالناس يزهدون فيمن هذه حالته، فإذا غمزه هذا السلفي لأنه ناصر المبتدعة
أو تركه بعضهم لأمور أخرى؛ فالناس يزهدون فيه، والتوفيق من الله سبحانه
وتعالى.
تنبيه: الصفاء في المنهج نصرة وعزة، فإنه لما كان هذا المنهج صافيًا ولم
يستطع أن يدخله تلويث -وهذا بفضل الله ونعمته- من استمر على هذا الخير
ازداد قوة ولم تجرفه دنيا ولم يخضع لمن يتحكم فيه، وهكذا لم تجره الأفكار؛
فإنه يمشي على طريقة قويمة أخذها من الكتاب والسنة، لا يجرفه تقليد لفلان
ولا علان، فإنه منهج ينهى وينأى عن التقليد، ويحث على لزوم الدليل والتمسك
به، والاستفادة من أهل العلم، فلما كان كذلك ازداد قوة ومن حين إلى آخر
وهو يزداد قوة، ولله الحمد والمنة قال الله تعالى: ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ
نِعْمَةٍ فَمِنِ اللهِ﴾ [النحل:53].
منقول للفائدة