انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى قائم على منهج السلف الصالح في فهم النصوص الشرعية


2 مشترك

    تصيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر للامام الالباني رحمه الله

    أبو عبيدة الأثري
    أبو عبيدة الأثري
    مدير


    عدد الرسائل : 642
    الرتبة : تصيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر للامام الالباني رحمه الله Ytyhyig4
    السٌّمعَة : 1
    نقاط : 109
    تاريخ التسجيل : 23/05/2008

    تصيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر للامام الالباني رحمه الله Empty تصيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر للامام الالباني رحمه الله

    مُساهمة من طرف أبو عبيدة الأثري الأحد سبتمبر 07, 2008 5:43 pm

    عنوان الكتاب:

    تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفرة بعد الفجر

    تأليف:

    محمد ناصر الدين الألباني

    الناشر:

    مكتبة المعارف

    الطبعة الشرعية الوحيدة 1421هـ -2001م

    ص -3- بسم الله الرحمن الرحيم.
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.
    أما بعد فإني أقدم اليوم إلى القراء الكرام بحوثا طريفة ومناقشات مفيدة إن شاء الله تعالى تعرض لهم لونا جديدا من ألوان التحقيق العلمي الحديثي والفقهي معا حول مسألة هامة كثيرا ما يبدو لبعضهم الحاجة إليها ومعرفة الرأي الصائب فيها ألا وهي "إفطار الصائم في رمضان قبل سفره بعد الفجر".
    وإن من الغرائب أن يتوجه بعض الناس اليوم إلى إنكار الحديث الوارد فيها والذي يحدد للمسلم الموقف الذي يجب أن يتخذه منها مع صحة إسناده وعدالة رواته ومطابقته لظاهر القرآن وشهادة الآثار السلفية له وموافقته لأصل من أصول الشريعة الغراء: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ



    ص -4- الْعُسْرَ} وعمل به جماعة من أئمة الفقه والحديث.
    وما ذلك منه إلا تعصبا لفرعه المذهبي خلافا لما صح عن إمامه كأصل من أصوله: "إذا صح الحديث فهو مذهبي"1.
    وقد كنت نشرت هذه البحوث في مجلة التمدن الإسلامي الزاهرة "عدد 25 - 36 سنة 1379" في ثلاث مقالات متتابعة فبدا لي فصلها من المجلة ونشرها في رسالة مستقلة كما جاءت في المجلة رجاء أن يعم النفع بها أكثر ويكون أجرنا إن شاء الله تعالى أكبر.
    أسأل الله عز وجل أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم وأن ينفع النفع العميم.
    دمشق مساء يوم عرفة سنة 1379 هـ.
    محمد ناصر الدين الألباني.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1 انظر مقدمة كتابنا "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم" وهو من مطبوعات مكتبة المعارف بالرياض.



    ص -5- سبق أن علق الأستاذ الشيخ ناصر الدين الألباني بكلمة على فتوى في هذه المجلة حول هذا الموضوع فبين أن من السنة أن يفطر الصائم في بيته قبل مبارحته وقد وردتنا من الأستاذ الشيخ عبد الله بن محمد الهرري - بواسطة الأستاذ الشيخ حمدي الجويجاني - كلمة ذكر فيها أن بعض القراء عرض عليه تلك الكلمة فرآها مستندة إلى حديث ضعيف وأطلعنا الأستاذ الألباني على كلمة الأستاذ الهرري فأيد ما ذهب إليه من قبل بكلمة جديدة فننشر الكلمتين فيما يلي:

    1 - قال الأستاذ الهرري:
    "في جامع الترمذي: باب فيمن أكل ثم خرج سفرا.
    حدثنا قتيبة حدثنا عبد الله بن جعفر عن زيد بن أسلم عن محمد بن المنكدر عن محمد بن كعب قال: أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد سفرا وقد رحلت راحلته ولبس ثياب السفر فدعا بطعام فأكل فقلت: سنة قال: سنة ثم.



    ص -6- ركب.
    حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا محمد بن جعفر حدثني زيد بن أسلم حدثني محمد بن المنكدر عن محمد بن كعب قال: أتيت أنس بن مالك في رمضان فذكر نحوه.
    قال أبو عيسى: هذا حديث حسن ومحمد بن جعفر هو ابن أبي كثير مدني ثقة وهو أخو إسماعيل بن جعفر وعبد الله بن جعفر هو ابن أبي نجيح والد علي بن المديني وكان يحيى بن معين يضعفه وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث وقال: للمسافر أن يفطر في بيته قبل أن يخرج وليس له أن يقصر حتى يخرج من جدار المدينة أو القرية وهو قول إسحق.
    فهذا التحسين من الترمذي مردود فقد ضعف هذا الحديث حافظان أحدهما من المتقدمين والآخر من المتأخرين:



    ص -7- الأول: هو الحافظ الناقد أبو حاتم الرازي قال ابنه الحافظ عبد الرحمن في "العلل" "ص 240" ما نصه:
    "سألت أبي عن حديث رواه عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن زيد بن أسلم عن محمد بن كعب أنه أتى أنس بن مالك في رمضان وهو يريد سفرا فوجده قد رحلت راحلته ولبس ثياب السفر فدعا بطعام فأكل فقلنا: سنة قال: ليس بسنة.
    ورواه محمد بن عبد الرحمن بن مجبر عن ابن المنكدر عن محمد بن كعب أنه أتى أنس بن مالك فذكر الحديث قال: فقلت: سنة قال: سنة قال أبي حديث الدراوردي أصح" أهـ.
    فهذا هو كما هو ظاهر صريح في أن رواية الترمذي مرجوحة وأن الراجح رواية النفي.
    والثاني: فهو الحافظ العراقي زين الدين عبد الرحيم شيخ.



    ص -8- الحافظ ابن حجر قال في شرحه على الترمذي: "يوجد في المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة نسخة خطية برقم 168".
    حديث أنس هذا انفرد بإخراجه الترمذي وحسنه لمتابعة محمد بن جعفر لعبد الله بن جعفر وإلا فعبد الله ضعيف كما حكى المصنف تضعيفه عن ابن معين فإنه قال فيه: ليس بشيء وقال فيه أبو حاتم الرازي: منكر الحديث جدا وقال فيه النسائي: متروك الحديث وقال الفلاس: ضعيف الحديث وقال فيه الدارقطني: كثير المناكير وقال أبو حاتم: كان يهم في الأخبار فيأتي بها مقلوبة ويخطئ في الآثار حتى كأنها مقلوبة وقال ابن عدي: عامة أحاديثه لا يتابعه عليه أحد وهو مع ضعفه ممن يكتب حديثه قال صاحب الميزان: وهو متفق على ضعفه. أهـ.
    قال: وإن الترمذي إنما حسن الحديث لكون عبد الله بن جعفر لم ينفرد به بل تابعه عليه محمد بن جعفر بن أبي كثير.



    ص -9- المدني وهو ثقة كما قال الترمذي.
    إذا تقرر هذا فهنا أمر يجب التنبيه عليه فمحل الحجة من الحديث كون أنس قال فيه إنه سنة وحكم الصحابي على "أمر" بأنه سنة يكون حكمه حكم الحديث المرفوع على ما هو مقرر في علوم الحديث والأصول وهذه اللفظة إنما رواها على الجزم عبد الله بن جعفر وهو متفق على ضعفه كما تقدم.
    وأما طريق محمد بن جعفر فلم يسق الترمذي لفظها وإنما قال فذكر نحوه وهذا لا يقتضي أنه بلفظه كما هو مقرر في علوم الحديث.
    ثم فتشنا عن لفظ رواية محمد بن جعفر بن أبي كثير فوجدناه لم يجزم بهذه اللفظة كما جزم بها عبد الله بن جعفر رواه كذلك إسماعيل بن إسحق القاضي في كتاب "الصيام".
    قال: حدثنا عيسى بن مينا قال: حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير عن زيد بن أسلم عن ابن المنكدر عن محمد بن كعب.



    [center]
    أبو عبيدة الأثري
    أبو عبيدة الأثري
    مدير


    عدد الرسائل : 642
    الرتبة : تصيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر للامام الالباني رحمه الله Ytyhyig4
    السٌّمعَة : 1
    نقاط : 109
    تاريخ التسجيل : 23/05/2008

    تصيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر للامام الالباني رحمه الله Empty رد: تصيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر للامام الالباني رحمه الله

    مُساهمة من طرف أبو عبيدة الأثري الأحد سبتمبر 07, 2008 5:44 pm

    ص -10- قال: أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد سفرا فأكل فقلت: سنة؟ فلا أحسبه إلا قال: نعم.
    فهذا لفظ رواية محمد بن جعفر وقد شك بعض رواته في هذه اللفظة وهو عمدة الاحتجاج ولكن قد رواها الدارقطني في سننه عن أبي بكر النيسابوري عن إسماعيل بن إسحق بن سهل عن ابن أبي مريم عن محمد بن جعفر فذكره ولم يشك في هذه اللفظة بل قال: فقلت: سنة قال: نعم.
    قال ابن العربي: حديث أنس صحيح لم يقل به إلا أحمد بن حنبل.
    قلت: اختلف فيه على بن سعيد بن أبي مريم فقال إسماعيل بن إسحق عنه ما تقدم وخالف يحيى بن أيوب العلاف فجعل القصة في الإفطار يوم الشك لا إرادة السفر.
    كذلك رواه الطبراني في المعجم الأوسط قال: حدثنا يحيى بن أيوب العلاف قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا.



    ص -11- محمد بن جعفر بن أبي كثير عن زيد بن أسلم عن محمد بن المنكدر عن محمد بن كعب قال: دخلت على أنس بن مالك عند العصر يوم يشكون وأنا أريد أن أسلم عليه فدعا بطعام فأكل فقلت: هذا الذي صنعت سنة؟ قال: نعم.
    وقد تابع سعيد بن أبي مريم على روايته على هذا الوجه خالد بن نزار رواه الطبراني أيضا في الأوسط قال: حدثنا المقدام هو ابن داود حدثنا خالد بن نزار حدثنا محمد بن جعفر فالحديث إذا اضطرب ليس بصحيح.
    ثم فتشنا هل نجد أحدا تابع عبد الله بن جعفر ومحمد بن جعفر على رواية هذا الحديث عن زيد بن أسلم ليقوى به أحد الروايتين فوجدنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي وهو أحد رجال الصحيح قد رواه عن زيد بن أسلم عكس رواية عبد الله بن جعفر رواه كذلك أيضا إسماعيل القاضي قال: حدثنا علي بن المديني وإبراهيم بن.



    ص -12- حمزة عن الدراوردي عن زيد بن أسلم بإسناده وقال فيه فقلت له: سنة؟ فقال: لا ثم ركب..
    وهذه الطريق أقوى من طريق عبد الله بن جعفر فوجدنا الطريقين صحيحين أحدهما فيه الشك في اللفظة والأخرى عكسها وفي الطبراني حمل الحديث على معنى غير الفطر للسفر فتبين ضعف رواية إثبات كونها سنة والله أعلم.
    وهذه المسألة قد اختلف العلماء فيها على أقوال:
    أحدها: وهو قول أكثر أهل العلم أن من أصبح صائما ثم سافر فليس له أن يفطر ذلك اليوم البتة لا قبل الشروع في السفر ولا بعده وهو قول إبراهيم النخعي والزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري والأوزاعي وأبي حنيفة وأصحابه ومالك والشافعي وأبي ثور.
    والثاني: أنه له الفطر إذا خرج وبرز عن البيوت وهو قول أحمد بن حنبل وروى عن عبد الله بن عمر والشعبي.



    ص -13- واحتج بعضهم على جواز الفطر بالحديث الصحيح في خروجه صلى الله عليه وسلم في رمضان إلى مكة وأنه صام حتى بلغ الكديد ثم أفطر. وفي رواية حتى بلغ كراع الغميم فتوهم من استدل بهذا أن الكديد والكراع بقرب المدينة وأن النبي صلى الله عليه وسلم أصبح بالمدينة صائما ثم بلغهما في بقية يومه فأفطر فالاستدلال بهذا الحديث على ذلك باطل.
    والثالث: إن له الفطر إذا وضع رجله في الرحل وبه قال داود وحكاه ابن عبد البر عن إسحق وهو مخالف لما حكاه الترمذي عنه من أن له الفطر في بيته قبل أن يخرج إلا أن يحمل على أنه وضع رجله في الرحل وهو في بيته ثم أكل قبل أن يخرج وحديث أنس مخالف له في أنه دعا بطعامه فأكل ثم ركب والله أعلم.
    والرابع: أن له الفطر في بيته يوم يريد أن يخرج وهو قول أنس والحسن البصري فيما روى عنه وقد حكاه المصنف عن.



    ص -14- ابن راهويه كما تقدم قال ابن عبد البر: "واتفقوا في الذي يريد السفر في رمضان أنه لا يجوز له أن يبيت الفطر لأن المسافر لا يكون مسافرا بالنية إنما يكون مسافرا بالنهوض في سفره". انتهى كلام العراقي.
    وأخرج البخاري عن ابن عباس: خرج النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان من المدينة ومعه عشرة آلاف من المسلمين يصوم ويصومون حتى بلغ الكديد فأفطر وأفطروا.
    قال الحافظ ابن حجر: لو نوى الصوم وهو مقيم ثم سافر في أثناء النهار فهل له أن يفطر في ذلك النهار؟ منعه الجمهور قال أحمد وإسحق بالجواز واختاره المزني محتجا بهذا الحديث فقيل له قال كذلك ظنا منه أنه صلى الله عليه وسلم أفطر في اليوم الذي خرج فيه من المدينة. وليس كذلك فإن بين المدينة والكديد عدة أيام وكذلك لا حجة للمخالف في حديث أبي بصرة الغفاري الذي رواه أحمد وأبو داود من طريق عبيد بن جبير قال: ركبت.



    ص -15- مع أبي بصرة الغفاري في سفينة بالفسطاط في رمضان فدفع ثم قرب غداءه ثم قال: اقترب فقلت ألست ترى البيوت؟ فقال: أرغبت عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكل. لأمرين:
    الأول: أنه لا يكفي على المعتمد في صحة الحديث سكوت أبي داود على ما يرويه في سننه بل لابد من النظر فيه وذلك من وظيفة الحافظ لما تقرر في علوم الحديث من اشتراط الحفظ في إدراك الصحيح والسقيم من الحديث كما صرح به الحاكم في معرفة علوم الحديث وأما دعوى هذا المخالف لأهلية ذلك لنفسه فليست إلا دعوى فارغة.
    الثاني: لو صح لم يكن فيه حجة لأنه ليس فيه أنه خرج بعد الصبح فركب ثم أكل فيحتمل أنه خرج من بيته قبل الفجر وركب السفينة فجاز له الأكل كما هو مذهب الجمهور أن من خرج قبل الفجر جاز له الأكل في نفس ذلك النهار بخلاف من خرج بعد الفجر فإنه ليس له أن يفطر في.



    ص -16- ذلك النهار إلا فيما بعده.
    ويقرب ما وجهنا به حديثه هذا قول الراوي ثم قرب غداءه والغداء في اللغة ما يؤكل أول النهار بخلاف ما تعورف اليوم في اللغة العامية من إطلاق الغداء على ما يؤكل وسط النهار قبيل الظهر أو بعده فإن هذا عرف حادث ففي "القاموس": الغداء طعام الغدوة وتغدى أكل أول النهار وفيه: الغدوة: البكرة أو ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس. والله أعلم".



    ص -17- 2 - يقول محمد ناصر الدين: مستعينا بالله وحده رب العالمين:
    ينحصر كلام الشيخ في أربعة أمور:
    الأول: تضعيف حديث أنس.
    الثاني: فقه الحديث ومن قال به.
    الثالث: تضعيف حديث أبي بصرة الغفاري.
    الرابع: عدم دلالته عنده على ما دل عليه حديث أنس.
    وسأتكلم فيما يأتي على هذه الأمور واحدة بعد أخرى على الترتيب المذكور سائلا المولى سبحانه وتعالى أن يلهمني الصواب في ذلك كله وأن يوفق المخلصين إلى تقبله والعمل بما فيه من الفقه إنه سميع مجيب.
    1 - تأكيد صحة حديث أنس.
    أما حديث أنس فقد تأملت كلام الشيخ عليه فلم أجد فيه إلا ما زادني بصيرة في صحته ويقينا بضعف كلامه و وهاء ما تشبث به في تضعيفه فإنه لم يأت على ما يدل عليه بما يصلح.



    ص -18- أن يعتبر شبهة في صحته فضلا عن أن يكون حجة على ضعفه إذا ما عرض ذلك على قواعد علم الحديث وأصوله وشهادات العلماء بثبوته وإليك التفصيل:
    لقد تجرأ الشيخ - على خلاف ما علمناه منه في بعض رسائله - فجزم بخطأ الترمذي في تحسينه للحديث ولم يبال البتة بتصحيح الإمام ابن العربي إياه وغيره ممن سنذكره وتشبث في ذلك بأمور يمكن أن نلخصها في أربعة:
    الأول: ترجيح أبي حاتم لرواية الدراوردي بلفظ: "ليس بسنة" على الرواية الأخرى: "قال: نعم سنة" وسنعبر عنها ب "رواية الإثبات".
    الثاني: تضعيف الحافظ العراقي للرواية الأخرى.
    الثالث: عدم جزم بعض الرواة بها.
    الرابع: الاختلاف في متنه على سعيد بن أبي مريم فذكر بعضهم عنه: أن الفطر إنما كان من أجل السفر وبعضهم أنه.



    ص -19- كان من أجل يوم الشك.
    الجواب عن الأمر الأول:
    1-إذا تبين ذلك فنقول في الإجابة عن الأمر الأول:
    أولا: إن فهم قول أبي حاتم: "إن حديث الدراوردي أصح من حديث ابن مجبر" على أنه يدل أن رواية الترمذي مرجوحة ضعيفة وأن الراجح رواية النفي يدل - مع الأسف - على الجهل البالغ بأساليب المحدثين في الترجيح وسوء فهم لمقاصدهم من ذلك إذ أن ترجيح أبي حاتم إنما هو محصور بين روايتين ليس منهما رواية الترمذي ثم هو ترجيح صحيح لأن الدراوردي ثقة على ضعف يسير في حفظه كما يأتي بخلاف المخالف له: ابن مجبر فإنه ضعيف اتفاقا وقد قال فيه أبو حاتم نفسه: "ليس بالقوي" وقال صاحبه أبو زرعه: "واهي الحديث"1.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1 "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم "3/2/320".



    أبو عبيدة الأثري
    أبو عبيدة الأثري
    مدير


    عدد الرسائل : 642
    الرتبة : تصيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر للامام الالباني رحمه الله Ytyhyig4
    السٌّمعَة : 1
    نقاط : 109
    تاريخ التسجيل : 23/05/2008

    تصيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر للامام الالباني رحمه الله Empty رد: تصيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر للامام الالباني رحمه الله

    مُساهمة من طرف أبو عبيدة الأثري الأحد سبتمبر 07, 2008 5:45 pm

    ص -20- ولكن أي عالم بل أي عاقل عنده قليل من الفهم بالأسلوب العربي يفهم من ذلك ترجيح رواية الدراوردي هذه على رواية الترمذي وهي لم يرد لها ذكر في كلام أبي حاتم لا تصريحا ولا تلويحا بل لعله لم يقف عليها أصلا ثم هي أقوى وأرجح من رواية الدراوردي كما سأبينه في الوجه الآتي بعد هذا.
    فسقط بذلك قول الشيخ عقب كلام أبي حاتم: "هو صريح في أن رواية الترمذي مرجوحة وأن الراجح رواية النفي".
    ثانيا: إن قول الدراوردي في روايته "ليس بسنة" منكر أو على الأقل شاذ لسببين:
    أ - مخالفته لمن هو أوثق منه ألا وهو محمد بن جعفر بن أبي كثير وهو ثقة كما قال الترمذي ونقله عنه الشيخ نفسه ولا خلاف فيه عند الأئمة النقاد بل احتج به الشيخان وجميع أصحاب السنن وغيرهم فروايته هي الراجحة عند.



    ص -21- التعارض على رواية الدراوردي لأنه مختلف فيه وقد وصفه أبو زرعة وغيره بأنه "سيئ الحفظ" فلا جرم أن البخاري لم يحتج به بينما احتجا جميعا بمخالفه.
    فثبت أن روايته هي أحق بالترجيح من رواية الدراوردي ولا يشك في هذا منصف شم رائحة مصطلح الحديث.
    ب- أن رواية الدراوردي لا متابع لها ولا شاهد خلافا لرواية محمد بن جعفر فإن لها متابعا وشاهدا:
    أما المتابع فهو عبد الله بن جعفر عند الترمذي وهو وإن كان ضعيفا فإنه يكتب حديثه كما قال ابن عدي فهو لا بأس به في المتابعات والشواهد.
    وأما الشاهد فهو حديث ابن المجبر الذي نقله الشيخ عن ابن أبي حاتم ولا يضر ضعفه لأنه في الشواهد كما لا يخفى ولا أظن أن الشيخ يخالف في ذلك لأنه ذكر نحو هذا في رسالته "التعقب الحثيث" "ص 5".



    ص -22- فسقط بهذا التحقيق تعلق الشيخ بكلام أبي حاتم وتبين أن الصواب رواية الإثبات وأن رواية الدراوردي في النفي خطأ لا يعول عليه.
    الجواب عن الأمر الثاني:
    2 - وأما الأمر الثاني وهو تضعيف العراقي لرواية الإثبات فالجواب من وجهين:
    أولا: معارضته بتصحيح من صحح الحديث وهم جماعة فقولهم أرجح عند التعارض من قول من خالفهم وهو فرد فممن صححه: الترمذي وابن العربي والضياء المقدسي - كما سيأتي - وابن القيم في "زاد المعاد" وأبو المحاسن المقدسي في "مختصر أحاديث الأحكام" "ق 61/1" ويمكن أن يضم إليهم الإمام أحمد وإسحق بن راهويه فإنهما أخذا بالحديث وعملا به باعتراف العراقي نفسه وذلك دليل - إن شاء الله تعالى - على أن الحديث ثابت عندهما وهو المطلوب.



    ص -23- ثانيا: أن قواعد علم الحديث تدل على خطأ التضعيف المذكور وأرجو ألا يستغل الأستاذ الشيخ أو أحد من المتعصبين له أو من غيرهم فيبادروا إلى الإنكار علينا بسبب هذا التصريح لأن الحق فوق الأشخاص والتحقيق العلمي لا يعرف النفاق.
    على أن الشيخ قد سبقني إلى مثل هذه التخطئة فهو قد جزم بتخطئة الترمذي كما رأيت فكذلك أجزم بتخطئة العراقي والشيخ معا مع فارق جوهري بيني وبينه فإنه يخطئ الترمذي تقليدا للعراقي وهذا ترجيح بدون مرجح كما لا يخفى ولو عكس أحد عليه الأمر فقلد الترمذي وخطأ العراقي لم يجد سبيلا إلى تخطئته إلا مجرد الدعوى أو اتباع الهوى وأما نحن فإنما نخطئ اتباعا للقواعد العلمية التي وضعها العلماء ميزانا لمعرفة الخطأ من الصواب وشتان بين هذا وذاك.



    ص -24- أخطاء العراقي حول الحديث:
    إن الباحث المدقق في كلام الحافظ العراقي الذي نقله الشيخ ليجد فيه كثيرا من الأخطاء التي لابد من الكشف عنها دفاعا عن الحديث لا الأشخاص.
    الأولى: إنه يقر الترمذي على تحسين الحديث لمتابعة محمد بن جعفر ثم يقول في رواية الإثبات: "إنما رواها على الجزم عبد الله بن جعفر وهو متفق على ضعفه" مع أنه ذكر بعد ذلك بقليل أن الدارقطني رواها على الجزم من طريق محمد بن جعفر الثقة فكيف يصح إذن قوله المذكور المتضمن حصر هذه الرواية بعبد الله الضعيف؟.
    وكذلك قوله في رواية محمد هذا: "لم يجزم بهذه اللفظة كما جزم بها عبد الله بن جعفر" لا شك في أن هذا القول وذاك خطأ مخالف للواقع.
    ثانيا: قوله أن رواية محمد بن جعفر على الشك مع أن.



    ص -25- هذه الرواية عنه لا تثبت ولو ثبتت لم تخالف الرواية الثابتة عنه كما سيأتي بيانه في الجواب المشار إليه.
    ثالثا: إعلاله الحديث بالاختلاف على سعيد بن أبي مريم برواية العلاف عنه مع أنها رواية شاذة مخالفة لرواية الثقات عن سعيد كما سيأتي تحقيقه في الجواب عن الأمر الثالث.
    رابعا: ذكر رواية الدراوردي ثم قال: "إنها أقوى من طريق عبد الله بن جعفر" وهذا صحيح ولكنه يوهم أن عبد الله لم يتابع على روايته مع أنه قد ذكر هو أن محمد بن جعفر قد تابعه على لفظه عند الدارقطني كما سبق.
    فرواية محمد وعبد الله أصح من رواية الدراوردي كما سبق بيانه.
    هذه الأخطاء هي دعائم قول الحافظ العراقي ب "ضعف رواية إثبات كونها سنة".
    فإذ قد انهارت هذه الدعائم فقد انهار قوله القائم عليها.



    ص -26- وسقط بالتالي تشبث الشيخ به ورجع منه بخفي حنين.
    وفي الجوابين التاليين زيادة بيان لما أجملناه هنا.
    الجواب عن الأمر الثالث:
    3 - وأما الجواب عن الأمر الثالث وهو عدم جزم بعض الرواة برواية الإثبات فهو أنه لا يجوز التمسك بها في إعلال الروايات الأخرى الجازمة بالإثبات بل إن هذه تعل رواية ذلك البعض وذلك لوجوه:
    الأول: أن من لم يجزم معناه أنه لا علم عنده بالأمر وأنه لم يحفظه بخلاف الذي جزم فإنه يدل على أنه قد علمه وحفظه فكيف يصح ترجيح رواية من لم يحفظ على رواية من حفظ؟.
    وهل هذا إلا خلاف ما هو مسلم به عند جميع العلماء: أن من حفظ حجة على من لم يحفظ ومن علم حجة على من لم يعلم وخلاف للقاعدة المقررة عندهم وهي التي تقول:



    ص -27- "المثبت مقدم على النافي".
    فكيف وهذا الذي لم يجزم ينف بل إنه أثبت ولكن بدون جزم فهذه الرواية في الحقيقة مؤيدة لرواية الإثبات ومقوية لها فكيف يصح أن تجعل معلة لها؟.
    ثانيا: أن رواية من لم يجزم بالإثبات لا تصح أصلا فلا يجوز أن يحتج بها فضلا عن أن يعارض بها ما رواه الثقات الأثبات عن محمد بن جعفر من الجزم بالإثبات ذلك لأن هذه الرواية تفرد بها عن محمد هذا عيسى بن مينا وهو ضعيف قال الذهبي في "المغني": "حجة في القراءة لا في الحديث سئل عنه أحمد بن صالح؟ فضحك وقال: يكتبون عن كل أحد"1.
    ثالثا: أن عيسى هذا قد ورد الحديث عنه بالإثبات كما رواه الثقات أخرجه عنه الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة".

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1 "شذرات الذهب" "2/48" ونحوه في "الميزان".



    ص -28- "ق 124/2" "رقم 2602" من طريق إبراهيم بن الحسين ثنا عيسى بن مينا به بلفظ: "فقلت له سنة؟ قال: نعم" فجزم بالإثبات ولم يشك وقال المقدسي عقبها: "رواه الترمذي عن محمد بن إسماعيل عن سعيد بن أبي مريم عن محمد بن جعفر وقال: حديث حسن" وأقره.
    وابن الحسين هذا هو ابن ديزل وهو ثقة مأمون كما قال الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي1.
    فهذا دليل واضح على أن رواية عيسى مثل رواية غيره في الجزم بالإثبات والظاهر أن إسماعيل القاضي نفسه هو الذي لم يضبط الرواية عن عيسى جيدا وإن كان أشار في الوقت ذاته إلى أنها هي الراجحة عنده بقوله: "...أحسبه" وذلك من دقته في الرواية رحمه الله تعالى.
    رابعا: أنه قد خالف في ذلك جماعة من الثقات كلهم.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1 شذرات "1/177".



    ص -29- جزموا في روايتهم عن محمد بن جعفر أن أنسا قال: "نعم" بدون أي شك وهؤلاء الثقات هم:
    الأول: عثمان بن سعيد الدارمي وهو ثقة ثبت حافظ إمام1 ولفظ حديثه... عن محمد بن كعب قال: أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد السفر وقد رحلت دابته ولبس ثياب السفر وقد تقارب غروب الشمس فدعا بطعام فأكل منه ثم ركب فقلت له سنة؟ قال: نعم.
    أخرجه البيهقي في سننه الكبرى "4/247".
    الثاني: إسماعيل بن إسحق بن سهل وهو صدوق كما قال ابن أبي حاتم "1/1/158" ولفظه مثل لفظ حديث الدارمي تماما.
    أخرجه الدارقطني "ص 241" وقد عزاه إليه الشيخ نفسه عن العراقي وهو من عجائبه فإنه سكت عنه مع أنه صحيح.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1 شذرات "1/176".



    ص -30- الإسناد وآثر عليه رواية الشك مع ضعفها ونكارتها وعدم صلاحيتها للمعارضة لو صحت كما سبق.
    الثالث: محمد بن إسماعيل وهو الإمام البخاري صاحب "الجامع الصحيح".
    أخرجه عنه الترمذي "1/152" وهو وإن لم يكن قد ساق لفظه فإنه قد أحال فيه على لفظ عبد الله بن جعفر المصرح بالإثبات وذلك بقوله عقبه: "نحوه" مشيرا بذلك إلى أنه مثله في المعنى.
    فهذا القول من الترمذي وإن كان لا يقتضي أن رواية البخاري لفظها مثل لفظ حديث عبد الله بن جعفر كما قال العراقي فإنه لا ينفي أن يكون مثلها في المعنى بل هو نص على اتحادهما في المعنى كما هو مبين في علم "مصطلح الحديث"1.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1 انظر مقدمة علوم الحديث لابن الصلاح "ص 199" طبع حلب.



    ص -31- وإذا كان من الأمور المسلمة أن الألفاظ قوالب للمعاني وأن المعاني هي المقصودة بالذات فلا يضرنا بعد ذلك اتفقت الألفاظ أو اتحدت ولهذا اتفق جمهور العلماء على جواز رواية الحديث بالمعنى بتفصيل مذكور في محله من هذا العلم: "المصطلح" وقالوا: "ينبغي لمن يروي حديثا بالمعنى بأن يقول: أو كما قال أو نحو هذا".
    فلو كانت رواية البخاري مثل رواية ابن مينا في المعنى لم يجز القول عقبها "نحوه" لأنها ليست مثلها في المعنى بخلاف رواية عبد الله بن جعفر فإنها متحدة في المعنى مع رواية البخاري ولذلك جاز للترمذي - وهو من أئمة هذا العلم - أن يقول عقبها "نحوه" أي نحو حديث ابن جعفر في اللفظ ومثله في المعنى.
    فإذا تبين هذا فالاسترواح حينئذ إلى أن اللفظ مختلف مما لا يجدي مادام أن المعنى واحد.



    ص -32- على أن قول الترمذي "نحوه" لا ينفي الاتفاق بين الروايتين في بعض ألفاظ الحديث فإذا ثبت أن لفظ حديث محمد بن جعفر على الإثبات برواية الثقتين المذكورين فالأقرب أنه هو المراد برواية البخاري هذه وليس رواية ابن ميناء الضعيف. إذ الأصل في روايات الثقات الاتفاق لا الاختلاف إلا لدليل وهو هنا معدوم.
    فثبت من ذلك أن رواية البخاري كرواية الثقتين قبله وهو المراد.
    الرابع: يحيى بن أيوب العلاف وهو صدوق كما قال الحافظ ابن حجر وغيره.
    أخرج حديثه الطبراني في "المعجم الأوسط" "1/98/2 من الجمع بينه وبين المعجم الصغير" وهو وإن كان قد خالف من قبله في بعض الحديث كما سيأتي تحقيقه فقد تابعهم على رواية الحديث على الصواب في باقيه فكان في ذلك حجة.



    ص -33- على صحة رواية الإثبات فقد اتفق هؤلاء الثقات الأربعة جميعا على أن رواية محمد بن جعفر الثقة لهذا الحديث على الإثبات وأنها في ذلك مثل رواية عبد الله بن جعفر سواء.
    فإذا تذكرت أن عيسى بن ميناء قد خالفهم عنه في هذه الرواية - على التفصيل الذي سبق بيانه - وأنه ضعيف لم يجز بوجه من الوجوه ترجيح روايته على روايتهم والجزم بأن روايته هي لفظ رواية محمد بن جعفر كما فعل العراقي - سامحه الله - بل العكس هو الصواب كما لا يخفى على ذوي الألباب.
    ذلك لأن من المقرر في علم الحديث أن الثقة إذا خالف في حديثه من هو أحفظ منه أو أكثر عددا فحديثه شاذ وإذا كان المخالف ضعيفا فحديثه منكر1 فلو أن ابن مينا كان ثقة لكان حديثه هذا شاذا مردودا فكيف وهو ضعيف؟ فلا شك.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1 انظر "تدريب الراوي" "ص 151 - 152" طبع المكتبة العلمية بالمدينة.



    ص -34- في أن حديثه منكر مرفوض.
    وهنا نقف لنتساءل: هل اطلع فضيلة الشيخ الحبشي على رواية هؤلاء الثقات أم خفيت عليه؟.
    الجواب عن الأمر الرابع:
    وأما الأمر الرابع وهو الاختلاف فيه على سعيد بن أبي مريم فالجواب عنه يمكن أن يؤخذ من الفصل السابق ولكن لا بد من إيضاحه فأقول:
    لم يقل أحد ممن روى هذا الحديث عن ابن أبي مريم أو غيره ثقة كان أو ضعيفا أن القصة وقعت في "يوم يشكون" الذي هو قبيل رمضان إلا يحيى بن أيوب العلاف المتقدم خلافا لرواية الثقات الآخرين الذين ذكروا قبله وهم عثمان الدارمي وإسماعيل بن إسحق والبخاري فهؤلاء كلهم قالوا عن ابن أبي مريم: أن القصة كانت في رمضان وكذلك قال عيسى بن مينا عن محمد بن جعفر وكذلك قال.



    ص -35- الدراوردي وعبد الله بن جعفر عن زيد بن أسلم عن محمد بن المنكدر وكذلك قال ابن مجبر عن ابن المنكدر فاتفاق هؤلاء كلهم على ذلك خلافا لرواية العلاف أكبر دليل على ضعف روايته وشذوذها.
    وأما استرواح الشيخ إلى متابعة خالد بن نزار لابن أبي مريم فمما لا يقام له وزن عند من يعلم ذلك لأن خالدا نفسه فيه ضعف من قبل حفظه كما يشير إلى ذلك قول الحافظ فيه "صدوق يخطئ" ثم إن الراوي عنه: المقدام بن داود واه جدا قال النسائي: "ليس بثقة" فهل يعتمد عالم بالقواعد الحديثية عنده ذرة من الإنصاف بهذه المتابعة وهذه حال صاحبها والراوي عنها مع ما فيها من المخالفة الصريحة لما رواه الثقات الأثبات؟.
    ومن ذلك يتبين أن لا أثر لهذا الاختلاف على ابن مريم في صحة الحديث وأن الإفطار فيه إنما كان في رمضان من أجل.



    ص -36- السفر لا قبله من أجل يوم الشك.
    وبذلك يسقط آخر ما تشبث به الشيخ في تضعيفه للحديث ويتضح لكل ذي عينين صحة الحديث باللفظ الذي رواه الترمذي صدر به الشيخ مقاله.
    وإن من الأمور التي لا ينقضي العجب منها تصريح الشيخ في رسالته "التعقب" "ص 21" أنه ليس لمثله وظيفة التصحيح والتضعيف ثم تراه في هذا المقال يصرح بتضعيف ما تتابع العلماء على تصحيحه من الترمذي إلى ابن القيم مع تأييد القواعد الحديثية لذلك.

    شهادة القرآن للحديث:
    هذا ومن المعلوم عند المشتغلين بالسنة أن الحديث الذي ورد من طريق فيه ضعف غير شديد أنه يقوى بمجيئه من طريق أخرى أو بوجود شاهد له ولو مثله في الضعف فكيف إذا كان الحديث صحيح الإسناد وكان له شاهد من القرآن الكريم.



    ص -37- فضلا عن السنة المطهرة.
    فإنه والحالة هذه لا يشك من له أدنى إلمام بهذا العلم في صحة الحديث ولو كان ضعيف الإسناد فكيف إذا كان صحيح الإسناد لذاته فلا ريب أنه بذلك يزداد قوة على قوة وحديثنا هذا من هذا القبيل فإنه صحيح الإسناد كما أثبتنا ذلك بتحكيم قواعد هذا العلم عليه مع الاستئناس بأقوال العلماء الذين سبق ذكرهم ممن صححوه وله شاهد من القرآن الكريم والسنة.
    أما القرآن فهو قول الله تبارك وتعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} فإن قوله: {عَلَى سَفَرٍ} يشمل من تأهب للسفر ولما يخرج وقد صرح الإمام القرطبي في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن" كما سيأتي أن ذلك مقتضى الآية وهذا واضح لا شك فيه عند المنصفين العارفين إن شاء الله تبارك وتعالى.



    ص -38- شاهد للحديث من السنة:
    أما الشاهد من السنة فهو ما أخرجه أحمد "6/398" من طريق منصور الكلبي عن دحية بن خليفة رضي الله عنه أنه خرج من قريته إلى قريب من قرية عقبة في رمضان ثم إنه أفطر وأفطر معه ناس وكره آخرون أن يفطروا قال: فلما رجع إلى قريته قال: والله لقد رأيت اليوم أمرا ما كنت أظن أن أراه إن قوما رغبوا عن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يقول ذلك للذين صاموا ثم قال عند ذلك: "اللهم اقبضني إليك".
    وأخرجه أبو داود "رقم 2413".
    قلت: ورجال إسناده ثقات محتج بهم في الصحيحين غير منصور هذا فقال فيه العجلي في "كتاب الثقات"1: "مصري تابعي ثقة" ووثقه ابن حبان أيضا فأورده في "الثقات" "1/124" لكن قال فيه ابن المديني وغيره: "مجهول" وهذا هو.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1 رقم "1375" من نسختي من "ترتيب ثقاة العجلي" للسبكي.



    ص -39- الراجح عندي: أنه مجهول وهو معنى قول الحافظ فيه: "مستور" ولكن ذلك لا يمنع عندنا ولا عند الشيخ من الاستشهاد بحديثه لأن ذلك هو الذي تقرر في "المصطلح".
    وإليك ما قاله الشيخ الحبشي نفسه في نحو هذه المناسبة قال في "التعقب" "ص 5": "فالجهالة من القسم الذي إذا تابع صاحبه غيره ممن هو مثله أو فوقه انجبر ضعفه وصار حديثه مقبولا حسنا".
    وعليه فالحديث مقبول عند الشيخ أو يلزم أن يكون مقبولا عنده لأنه جاء من طريق أخرى وهي طريق أنس هذا لو سلم له أنها ضعيفة فكيف وهي صحيحة على ما سبق تحقيقه؟.
    بل إن الشيخ يلزمه أن يقول بصحة إسناد الحديث لذاته إذا أراد أن لا يكون متناقضا في تطبيق النهج الذي سلكه في تصحيح بعض الأحاديث في رسالته المشار إليها ذلك لأن الحديث ليس فيهم من يشك في عدالته غير منصور.



    ص -40- الكلبي وقد وثقه ابن حبان كما سبق وتوثيقه عند الشيخ معتبر فقد وثق في رسالته "ص 19 و 23" خزيمة وكنانة المجهولين بناء على توثيق ابن حبان إياهما وقال "ص 23 و 26" في الجواب عن تجهيلنا إياهما تبعا للحافظ الذهبي:
    "إن جهالة الحال وجهالة العين ترتفع بتوثيق حافظ من أئمة الجرح وقد وثقهما ابن حبان".
    وإذ الأمر كذلك عند الشيخ فيلزمه القول بعدالة منصور هذا وحينئذ فالحديث صحيح عنده لا علة فيه وهذا أمر لازم لازب لا مفر للشيخ منه ولا يستطيع أن يماري فيه إن كان طالبا للحق منصفا كما آمل.
    ثم إن دلالة الحديث على ما دل عليه حديث أنس من جواز الإفطار المختلف فيه واضح كل الوضوح فإن قوله: "ثم إنه أفطر وأفطر معه ناس" صريح أو كالصريح في أنهم خرجوا من القرية صائمين ثم أفطروا فلا يرد عليه ما أورده الشيخ على.



    أبو عبيدة الأثري
    أبو عبيدة الأثري
    مدير


    عدد الرسائل : 642
    الرتبة : تصيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر للامام الالباني رحمه الله Ytyhyig4
    السٌّمعَة : 1
    نقاط : 109
    تاريخ التسجيل : 23/05/2008

    تصيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر للامام الالباني رحمه الله Empty رد: تصيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر للامام الالباني رحمه الله

    مُساهمة من طرف أبو عبيدة الأثري الأحد سبتمبر 07, 2008 5:48 pm

    ص -41- حديث أبي بصرة من عدم دلالته على المطلوب في زعمه.
    وكأنه لذلك أعرض الشيخ عن ذكره فلم يتعرض له بجواب البتة لأنه حجة عليه وهذا شيء نود أن ننزه الشيخ عنه ولكن الأمر يحتاج إلى مساعدة منه وحديث أبي بصره المشار إليه هو في الحقيقة شاهد ثان للحديث وسيأتي الجواب عن كلام الشيخ عليه قريبا إن شاء الله تعالى.

    آثار صحيحة تشهد للحديث:
    هذا وإن مما يزيد الحديث قوة أنه جاء عن طائفة من الصحابة وغيرهم العمل بنحو ما فيه وخلاف ما ذهب إليه المانعون من الإفطار بعد الخروج فأنا أذكر ما وقفت عليه من الروايات عنهم إتماما للفائدة:
    1 - عن اللجلاج قالوا "كذا الأصل ولعله: اللجلاج وغيره قالوا": كنا نسافر مع عمر رضي الله عنه ثلاثة أميال فيتجوز في الصلاة ويفطر رواه ابن أبي شيبة في "المصنف".



    ص -42- "2/151/2" بإسناد حسن أو قريب منه.
    2 - عن أنس بن مالك قال: قال لي أبو موسى: ألم أنبأ أنك إذا خرجت خرجت صائما وإذا دخلت دخلت صائما؟ فإذا خرجت فاخرج مفطرا. وإذا دخلت فادخل مفطرا.
    رواه الدارقطني "ص 241" والبيهقي "4/247" بإسناد صحيح على شرط الستة.
    3 - عن نافع عن ابن عمر أنه خرج في رمضان فأفطر.
    رواه ابن أبي شيبة "2/151/1" بإسناد رجاله ثقات.
    4 - عن ابن عباس قال: إن شاء صام وإن شاء أفطر.
    رواه ابن أبي شيبة في "باب ما قالوا في الرجل يدركه رمضان فيصوم ثم يسافر" "2/151/1" وإسناده صحيح.
    5 - عن مغيرة قال: خرج أبو ميسرة1 في رمضان مسافرا.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1 اسمه عمرو بن شرحبيل الهمداني قال الحافظ: "ثقة عابد مخضرم مات سنة ثلاث وستين".



    ص -43- فمر بالفرات وهو صائم فأخذ منه حسوة فشربه وأفطر.
    رواه ابن أبي شيبة "2/151/1" بإسناد صحيح ثم روى هو "2/151/2" والبيهقي "4/247" بسند آخر عنه مختصرا وهو صحيح أيضا.
    6 - و 7 - عن سعيد المسيب والحسن البصري قالا: يفطر إن شاء.
    رواه ابن أبي شيبة عقب الأثر الذي قبله وسنده صحيح.
    وفي رواية عن الحسن البصري "يفطر إن شاء في بيته يوم يريد أن يخرج" ذكرها القرطبي في تفسيره "2/279".
    وبعد فإن حديثا كهذا يشهد له القرآن والسنة والآثار الصحيحة عن السلف وفيهم بعض الخلفاء الراشدين1.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1 فأين أولئك الذين نقموا علينا دعوتنا إلى إحياء السنة الصحيحة في ركعات التراويح ونسبونا - زورا وبهتانا - إلى الطعن في الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بسبب مخالفتنا لما يروى عنه من.....=



    ص -44- لحري ألا يكون موضع جدل وتردد في صحته مهما قيل في إسناده أو في متنه لولا أن بعض الناس يتعصبون لمذاهبهم ما لا يتعصبون للشرع الثابت عن نبيهم اتباعا لما ألفوه فاللهم رحمتك وهداك.
    2 - فقه الحديث ومن قال به.
    إذا تبين أن الحديث صحيح بلفظ الإثبات فهو حجة واضحة لما ذهب إليه الإمام إسحق بن راهويه كما حكاه.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    = الركعات العشرين مع أنها لا تثبت عنه بل الصحيح عنه موافق لما ندعو إليه من السنة كما بيناه مفصلا في ردنا عليهم في "صلاة التراويح" أقول: أين هؤلاء من إطباقهم على مخالفة عمر بن الخطاب ومن معه من الصحابة الكرام والسلف العظام في هذه المسألة لا سيما والسنة الصحيحة معهم فالحمد لله الذي وفقنا لتباع السنة هنا وهناك ونسأله المزيد من فضله وتوفيقه كما نسأله أن يهدي المخالفين إليها وأن يحيينا ويميتنا عليها وأن يحشرنا تحت لواء صاحبها عليه الصلاة والسلام: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}



    ص -45- الترمذي عنه1 وقد نقله الشيخ عنه وفي كتاب "المسائل" لإسحاق بن منصور المروزي "ق 29/1 - 2" ما نصه:
    "قلت "يعني للإمام أحمد": إذا خرج مسافرا متى يفطر؟ قال: إذا برز عن البيوت قال إسحق "يعني ابن راهويه": بل حين يضع رجله فله الإفطار كما فعل ذلك أنس بن مالك2 وسن النبي صلى الله عليه "كذا" وإذا جاوز البيوت قصر".
    اتباع ابن العربي للحديث خلافا للمذهب:
    ولقد أنصف الإمام ابن العربي رحمه الله تعالى فإنه ذهب إلى العمل بالحديث في هذه المسألة خلافا لكثير من علماء.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1 ومن العجائب قول ابن العربي - كما يأتي -: "أنه لم يقل به إلا أحمد" مع أن ذلك ورد في كتاب الترمذي الذي شرحه ابن عربي نفسه فسبحان من لا يسهو.
    2 هذا يؤيد ما كنت رجحته أن حديث أنس هذا ينبغي أن يكون صحيحا عند من قال به كأحمد وإسحاق وقد كنت رجحت ذلك قبل أن أقف على هذا النص فالحمد لله على توفيقه.



    ص -46- المالكية وتبعه على ذلك القرطبي وغيره وسبقهم إلى الجهر بذلك الحافظ ابن عبد البر فقال ابن العربي في "عارضة الأحوذي" "4/13 - 16" تعليقا على الحديث:
    "وهذا صحيح لم يقل به أحد إلا أحمد بن حنبل فأما علماؤنا "يعني المالكية" فمنعوا منه لكنهم اختلفوا إذا أكل هل عليه كفارة أم لا؟ فقال مالك في "كتاب ابن حبيب": "لا كفارة عليه" وقال أشهب: "نعم لأنه متأول" وقال غيرهم: عليه الكفارة ويجب أن لا يكفر لصحة الحديث... وهو يقتضي جواز الفطر مع أهبة السفر".
    وقال القرطبي في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن" "2/278 - 279" بعد أن حكى الخلاف الذي ذكره ابن العربي: "قلت: قول أشهب في نفي الكفارة حسن لأنه فعل ما يجوز له فعله والذمة بريئة فلا يثبت فيها شيء إلا بيقين ولا يقين مع الاختلاف ثم إنه مقتضى قوله تعالى: {أَوْ عَلَى



    ص -47- سَفَرٍ} "وقال أبو عمر "هو ابن عبد البر": هذا أصح أقاويلهم في هذه المسألة ولو كان الأكل مع نية السفر يوجب عليه الكفارة لأنه كان قبل خروجه ما أسقطها عنه خروجه فتأمل ذلك تجده كذلك إن شاء الله تعالى".
    ثم ذكر ابن عبد البر من قال بأنه لا يفطر وأن عليه الكفارة إن أفطر ثم قال:
    "وليس هذا بشيء لأن الله سبحانه قد أباح الفطر في الكتاب والسنة وأما قولهم: "لا يفطر" فإنما ذلك استحباب لما عقده فإن أخذ برخصة الله كان عليه القضاء وأما الكفارة فلا وجه لها ومن أوجبها فقد أوجب ما لم يوجبه الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم".
    وهذا هو الذي استظهره العلامة الصنعاني في "سبل السلام" "2/629".
    وهو الذي نقطع به لهذا الحديث الصحيح فإنه نص في.



    ص -48- المسألة لا يقبل التأويل مع تأيده بظاهر القرآن والآثار الصحيحة عن السلف رضي الله عنهم.
    ومما سبق يعلم أن القول بعدم جواز الإفطار وإيجاب الكفارة على المفطر مما لا دليل عليه في الشرع فعلى من نصب نفسه للرد علينا وحاول تضعيف الحديث الصحيح انتصارا لمذهبه أن يأتي بالدليل الذي يقنع به نفسه قبل غيره بصحة ما ذهب إليه وإلا فهو عندنا وكما بينا خلاف ظاهر القرآن ونصوص الآثار الصحيحة وذلك كاف في إثبات خطأه ولو كان الحديث عنده ضعيفا.
    فليتأمل في هذا المنصفون على اختلاف مذاهبهم يتبين لهم صواب ما ذكرنا. إن شاء الله تعالى وهو ولي التوفيق.
    وإن مما يحسن التنبيه إليه أن ذلك الموقف الطيب الذي وقفه ابن العربي ومن معه من الحديث هو الذي يجب على كل مسلم أن يتخذه تجاه هذا الحديث خاصة والأحاديث الأخرى.



    ص -49- ورة عامة ولو كانت على خلاف رأي الآباء والشيوخ لأنه هو الموقف الوحيد الذي يتفق مع الإيمان الصحيح كما قال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً}.
    "فلا جرم أن الأئمة أمروا بذلك أتباعهم وألحوا عليهم بذلك في عبارات كثيرة مشهورة عنهم وقد ذكرت الكثير منها في مقدمة كتابي "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم". فمن شاء رجع إليه.
    3 - حديث أبي بصرة الغفاري.
    بقي علينا الكلام على حديث أبي بصرة الغفاري لقد ذكر الشيخ أنه لا يكفي على المعتمد على صحة الحديث سكوت أبي داود عليه.
    وجوابنا عن ذلك من وجوه:
    الأول: أن ما ذكره صحيح بالنسبة إلى العالم الناقد العارف بطرق الجرح والتعديل والتصحيح والتضعيف فإن مثل هذا.



    ص -50- لا يقنعه سكوت أبي داود على الحديث لأنه يعلم يقينا أنه سكت عن أحاديث لا حصر لها وهي ضعيفة بينة الضعف كما قرر ذلك العلماء كالنووي والعسقلاني وغيرهما وبينا ذلك بأمثلة كثيرة في نقدنا لكتاب "التاج الجامع للأصول الخمسة"1.
    فعلمه هذا يلزمه أن يرجع إلى السند ويحكم فيه قواعد هذا العلم فيصحح أو يضعف وأما المقلد الذي "ليس له وظيفة التصحيح والتضعيف" مثل فضيلة الشيخ باعترافه هو كما سبق نقله عنه فهذا لا بد له من الاعتداد بسكوت أبي داود على الحديث حتى يقف على قول عالم آخر هو أوثق منه عنده ضعف الحديث وأما هو نفسه فلا يجوز له الإقدام على التضعيف بداهة لأنه لا علم له بذلك وهذا شيء واضح ما.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1 بدأنا بنشر خلاصة نافعة عنه في مقالات متتابعة في مجلة "المسلمون" وقد صدر المقال الأول منه.



    ص -51- أظن عاقلا منصفا يجادل فيه.
    فما بال الشيخ إذن لا يرضى بسكوت أبي داود الذي يدل على أن الحديث صالح عنده بل يجتهد - مع أنه يعتقد حرمته عليه - فيذهب إلى تضعيف الحديث كما يشير إلى ذلك قوله: "لو صح..." دون أية حجة علمية ولا برهان ولو تقليدا لإمام؟.
    الثاني: أنني أعتقد أن اللائق بطريقة الشيخ التي عرفناها منه في "التعقب الحثيث" أن يذهب إلى القول بصحة هذا الحديث لا إلى تضعيفه وذلك لأن رجال إسناده عند أبي داود "رقم 2413" وأحمد "6/398" كلهم ثقات محتج بهم في الصحيحين غير كليب بن ذهل وقد وثقه ابن حبان "2/253" وقال الحافظ في ترجمته من "التقريب": "مقبول" وأما عبيد بن جبر فقد مال الحافظ إلى أن له صحبة وذكره يعقوب بن سفيان في "الثقات" وقال العجلي "رقم.



    ص -52- 884": "مصري تابعي ثقة" وذكره ابن حبان أيضا في "الثقات" "1/140" إلا أنه قال: "هو مولى الحكم بن أبي العاص" فلا أدري هو هذا أو غيره وعهدنا بالشيخ أنه يعتد بتوثيق ابن حبان للمجهولين كما سبق بيانه من كلامه فلماذا إذن يضعف الشيخ هذا الحديث ولا يصححه مع أنه صحيح على شرطه؟1.
    لا أريد أن أقول: إنه يكيل بكيلين وأن نهجه في التصحيح والتضعيف ليس هو على ما ثبت في "مصطلح الحديث" وإن كان هو يصرح أنه ليس من أهل ذلك كما سبق نقله عنه ولكن لعله حين يكون الحديث مخالفا لمذهبه لا ينشط لتحقيق القول فيه على مقتضى علم الحديث - على قدر معرفته به - خشية أن يتبين له صحته فيكتفي في تضعيفه بأي شيء عثر عليه ولو.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1 وقال الشوكاني في "نيل الأوطار": "سكت عنه أبو داود والمنذري وابن حجر في "التلخيص" ورجال إسناده ثقات".



    ص -53- كخيوط القمر وإذا كان الحديث موافقا لمذهبه لم ينشط أيضا للنظر فيه مخافة أن يتبين له ضعفه ويقنع في تصحيحه بأي قول وجده ولو كان خلاف القواعد العلمية.
    وخلاصة القول: أن هذا الحديث صحيح على طريقة الشيخ وأما نحن فحسبنا فيه أنه شاهد ثان لحديث أنس وإن كان سنده فيه ما في الشاهد الأول فتضعيف الشيخ إياه خطأ بين على جميع الاحتمالات كما لا يخفى لأن أقل أحواله أنه حسن لغيره.
    4 - دلالة الحديث على ما دل عليه حديث أنس.
    وأما قول الشيخ: إن الحديث لو صح لم يكن فيه حجة لأنه ليس فيه أنه خرج بعد الصبح فركب ثم أكل فيحتمل أنه خرج من بيته قبل الفجر.
    فأقول: الاحتمال المذكور باطل من وجوه:
    أولا: أنه خلاف المتبادر من الحديث.



    ص -54- ثانيا: أنه خلاف ما فهم منه العلماء الذين خرجوه فهذا أبو داود يترجم له بقول: "باب متى يفطر المسافر إذا خرج؟" يشير بذلك إلى أن أبا بصرة كان خرج صائما ثم أفطر وهذا المجد ابن تيمية ترجم له بقوله: "من سافر في أثناء يوم هل يفطر فيه؟ ومتى يفطر؟" ومثله وأصرح منه قول البيهقي الآتي قريبا إن شاء الله تعالى.
    ثالثا: أن أبا بصرة لو خرج قبل الفجر - كما ادعى الشيخ - فمعنى ذلك أنه سافر قبل أن يجب عليه الصيام لعدم وجود شرطه وهو الإقامة ومن المعلوم أن مثل هذا يجوز له الأكل بعد الفجر بنص القرآن واتفاق المسلمين بل إن بعضهم أوجبه عليه فإذ الأمر كذلك فهل يعقل أن يعترض عليه عبيد بن جبير بقول: "ألست ترى البيوت؟" فلا شك أن هذا القول منه دليل على أن أبا بصرة خرج صائما وأنه أكل بعد الفجر وأفطر فأراد عبيد رحمه الله أن يلفت نظره إلى ما ظنه مانعا من.



    ص -55- الإفطار وهو كونه لا يزال في حكم المقيم لأنه لم يجاوز البيوت فأخبره أبو بصرة رضي الله عنه بأن المجاوزة ليست بشرط وأن التمسك به خلاف السنة..
    هذا هو المعنى الذي يمكن فهمه من الحديث إذا تجردنا عن الهوى والتقليد الأعمى وهو الذي فهمه العلماء كما ذكرت في الوجه الأول. ويشهد لذلك أيضا ترجمة البيهقي للحديث بقوله: "باب من قال يفطر وإن خرج بعد طلوع الفجر".
    فهذا نص قاطع على بطلان ما تأول الشيخ الحديث به من المعنى وهو مما يدل على أن الشيخ يجتهد في فهم الأحاديث - خلاف ما يتظاهر به - وكأنه - ألهمنا الله الصواب جميعا - يجتهد لهدمها وإبطال معانيها حتى لا تتعارض مع مذهبه فالمذهب هو الأصل عنده والحديث تبع له وهذا خلاف ما يجب أن يكون عليه المسلم كما سبق التنبيه عليه "ص 37" وخلاف ما جرى عليه العلماء المنصفون حتى من كان منهم معروفا باتباعه.



    ص -56- لمذهب من المذاهب الأربعة وأقرب شاهد لدينا على ذلك الإمام البيهقي رحمه الله فإنه مع اتباعه للمذهب الشافعي وتأييده له في أكثر مسائله فسر الحديث بقوله الذي ذكرته آنفا بخلاف ما ذهب إليه الإمام الشافعي رحمه الله تعالى ولم يحمله معنى لا يتحمله ولا يساعد عليه الذوق العربي والفهم السليم كما صنع غيره وهو ينتمي لمذهب الشافعي أيضا.
    رابعا: قول عبيد بن جبير: "ثم قرب غداءه" فإن فيه إشارة إلى أن الخروج والأكل كان غدوة وهي ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس كما نقله الشيخ نفسه عن القاموس.
    فإذا ثبت هذا فلا أدري ما وجه تأييد الشيخ ما ذهب إليه في تأويل الحديث من المعنى بقول عبيد هذا؟ لأن أكل أبي بصرة سواء كان في أول النهار - وهو بعد الفجر – أو كان بعد طلوع الشمس فلا يؤيد بوجه من الوجوه قول الشيخ أن الخروج كان قبل الفجر.



    ص -57- فإذا تأمل العاقل في هذه الوجوه الأربعة تبين له دون أي شك أن الحديث حجة نيرة على جواز الإفطار المختلف فيه وأنه في ذلك كحديث أنس رضي الله عنه وقد صرح بذلك المحقق الشوكاني في "نيل الأوطار" "4/195".

    الخلاصة:
    وخلاصة القول أن الشيخ أخطأ في رده في عدة أمور:
    1 - تضعيفه لحديث أنس وهو صحيح كما تقتضيه قواعد علم الحديث.
    2 - إعراضه عن تقليد من صححه مع أنهم أكثر ممن ضعفه وهذا خلاف المفروض في المقلدين ومنطقهم الذي من عادته أن يحتج بالكثرة والسواد الأعظم.
    3 - تضعيفه لحديث أبي بصرة وهو صحيح على مقتضى منهجه في التصحيح.
    4 - إعراضه عن الاستشهاد به مع أنه صالح لذلك عنده.
    5 - كتمه لحديث دحية مع أنه صحيح أيضا على منهجه.



    ص -58- وما ذلك إلا لأنه صريح الدلالة على خلاف مذهبه.
    6 - غفلته عن تأييد القرآن للأحاديث الثلاثة.
    7 - غفلته أيضا عن الآثار المؤيدة لها وبعضها عن عمر الفاروق رضي الله عنه.

    الخاتمة:
    ولذلك فإني أختم هذه الكلمة بأن أرجو من فضيلة الشيخ الحبشي أن يعيد النظر في موقفه من هذا الحديث وما تضمنه من الحكم الذي شهد له القرآن الكريم.
    مذكرا له بقوله تعالى فيه:
    {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}.
    رحم الله الامام الالباني رحمه واسعة واسكنه الفردوس الاعلى ونسأل الله ان يحشر الضال المضل ان مات على ماهو عليه مع هامان وقارون وغيرهما من الضلال
    اخوكم ابو عبيدة ابراهيم زياني الاثري كان الله له وغفر له
    أبو حارثة الأثري الجزائري
    أبو حارثة الأثري الجزائري
    المشرف العام


    ذكر عدد الرسائل : 411
    الرتبة : تصيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر للامام الالباني رحمه الله Mouchr10
    السٌّمعَة : 1
    نقاط : 5
    تاريخ التسجيل : 24/05/2008

    تصيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر للامام الالباني رحمه الله Empty رد: تصيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر للامام الالباني رحمه الله

    مُساهمة من طرف أبو حارثة الأثري الجزائري الإثنين سبتمبر 08, 2008 1:09 am

    بارك الله فيكم أخي و رحم الله العلامة المحدث ناصر الدين الألباني و طيب ثراه

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد نوفمبر 24, 2024 10:22 pm