((ردعلى مايابا في مسألة القبض و الإرسال في الصلاة))
قال تقي الدين الهلالي رحمه الله [ كل مبتدع يحرف القرآن و السنة لنصر بدعته كالخوارج و المعتزلة و المتأخرين من الأشعري المعادين لمذهب السلف ، و ممن سار على مذهب السلف الصالح أبو الحسن الأشعري رحمة الله عليه. و كل مدع للفقه متمذهب متعصب يحرف الكتاب و السنة ؛ لنصر مذهب مع ظهور بطلانه ، كمحمد الخضر بن مايابا الذي ألف كتابا سماه (( إبرام النقض في تقرير السدل و إبطال القبض)) و زعم أن أحاديث وضع اليمنى على اليسرى الصحيح منها منسوخ(1) ؛ إذ لا يعقل أن يروي الإمام مالك حديثا صحيحا عن النبي عليه السلام ، رواه البخاري و مسلم(2) و لا شك في صحته ثم يفتي بخلافه فيما رواه عنه القاسم في ((مدونة سحنون)) ، و قد هيئا الله له عالما شنقيطيا من أهل بلده ؛ فألف كتابا في الرد عليه سماه (( الصوارم و الأسنة في الذب عن السنة )) ، و تبرع بطبعه المجاهد الأكبر في المغارب كلها الذي أنقذ الله به أهل المغرب الأكبر من حدود السنغال إلى حدود مصر من ربقة الاستعمار و ظلمته من حرية الاستقلال و نوره ، ألا و هو الملك محمد الحسن الخامس ـ رحمه الله ـ و من أجل المكارم أن شريكه في الجهاد الملك الحسن الثاني أطال الله بقاءه و أدام اترفاءه. لما نفدت نسخ هذا الكتاب أمر بطبعه ثانية ، و أجزل ثوابه و جزاه أحسن الجزاء .
و مؤلف هذا الكتاب هو العلامة السلفي المحدث الأصولي المفسر الأديب الشاعر المتفنن محمد بن أبي مدين الأستاذ في معهد بوتيلمت من بلاد شنقيط، و هذا الرجل نادر زمانه يحتاج إليه أساتذة الأزهر و أساتذة الجامعة الإسلامية بالمدينة و كل جامعة عربية ن و لا أقول : الطلبة بل الأساتذة .
و من سوء حظ العرب في هذا الزمان عموم الجهل و التقليد فيهم، و سيرهم على صراط معوج؛ لأنهم لا يعتبرون العلم و إنما يعتبرون الشهادات المزيفة التي يحصل عليها من الدواب فيتسنون أعلى المراتب في الجامعات ن و هم صـمٌّ بكـمٌ عمـيٌ ، فوالله الذي لا إله إلا هو لو ظفر بهذا الرجل أساتذة الجامعات في أوروبا؛ لاستفادوا من علمه و بذلوا النفس و النفيس في خدمته ، و لكن كما قلنا ضلالات العرب أنهم يتركون العين و يطلبون الأثر باعتمادهم على الشهادات ،
فهم كما قال الشاعر:
وَلـَو لـَبـِسَ الـحِـمَـارُ ثـِيـَابَ خَـزٍّ لـَقـَالَ الـنـّاسُ يـَا لـَكَ مِـنْ حِـمَـارِ
فكذلك الجاهل إذا اخذ الشهادة من الجامعة يقول : يا لك من عالم /
و إذا لم تكن له شهادة يقول أشباه الناس : يا لك من جاهل ؟ فمن أرد أن يعرف تحريف المقلدين و المتعصبين إلى أي حد بلغ في الإسفاف، فليقرأ هذين الكتابين فيرى ظلمة و يرى الثاني نورا، و صدق رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و من ولاه إلى يوم الدين إذ قال : (( لتتبعن سنن من كان قبلكم )) . فقد وجد في هذه الأمة من يلبس الحق بالباطل و يكتمون الحق و هو يعلمون (3).
[size=12][ سبيل الرشاد في هدي خير العباد لتقي الدين الهلالي المغربي ـ رحمه الله المجلد الثاني ـ جزء 3/17-18-19][/size]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ قال المحقق الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان في تعليقه ــ انظر : (( إبرام النقض )) ـ ص 28-40-92
و قد رد دعوى النسخ بشيء من التفصيل محمد بن محمد الميموني في كتابه ( النصح الأوفى )) ـ ص 103ـ و بين أن أول من تزعم هذا الإدعاء ( الشيخ عليش ) و الذي حمله على ذلك التعصب المذهبي الذي كان يمتاز به بين أهل عصره ن و لكنه صدر من ما صدر ـ كما قال أحمد بن الصديق في كتابه ( المثنوي ) ـ ص 320ـ (( عن تساهل و تهور و عدم إمعان و تدبر ن مع ما للعصبية من التأثير العظيم في تزين الباطل و قلب الحقائق)) .
و ممن لم يوافق الشيخ عليش في دعواه على الرغم من انتصاره للسدل و تشهيره : صاحب (( بيان مشهور السدل و الإرسال ))فإنه قال في الصفحة ـ 39ـ (( و أما ما ذكره في ((شرحه)) و في (( نوازله )) من أن دليل ذلك ـ يعني النسخ ـ استمرار عمل أهل المدينة على السدل فيكون القبض منسوخا فلا يعول عليه ؛ لأن جمهور الصحابة بعد موت النبي عليه السلام صدر منهم القبض و كذلك جمهور التابعين / كما قال الحافظان ابن عبد البر و ابن حجر و غيرهما )).
و قد صنف جمع من العلماء لا سيما المتأخرين منهم رسائل عدة في مسائل القبض و الإرسال ما بين مؤيد و مخالف ن و هذه عناوين الرسائل التي و قفت عليها :
1 ـ (( تحفة الأخبار في الرد على من قال بالقبض في هذه الأعصار )) لأبي شعيب محمد بن القاسم الهواري، مطبوع ن أفاده عبد العزيز بن عبد الله في (( الموسوعة المغربية )) [ 3/38] و في (( معلمة الفقه المالكي )) [285]
2 ـ (( البحر المتلاطم الأمواج المذهب بما في سنة القبض من العناء و اللجاج)) لعبد الحي الكتاني ن أفاده محمد بن عبد الله التليدي في (( تراث المغاربة في الحديث )).
3 ـ (( المنهج الاقوم في مسألتي الرفع و الضم )) لمجد الدين المؤيدي ( مخطوط)
4- (( المثنوي البتار)) لأحمد الصديق الغماري ، مطبوع في مصر ، سنة (1352 هـ )
5 – (( سنة القبض و الرفع في الصلاة )) لمحمد الإطاري كما في (( معجم المؤلفين في القطر الشنقيطي )) ـ ص 105 ـ
6 – (( زهرة الأفكار في الرد على المخالفين بالقبض في هذه الأعصار )) لعبد السلام بن الطيب الشرقي العربي ، مطبوع .
7 – (( الحسام المنتضد المسنون على من قال : إن القبض غير مسنون )) لعبد الرحمن بن جعفر الكتاني ، مطبوع
8 – (( الدليل الواضح لبيان أن القبض في الصلوات كلها مشهور واضح )) لأبي عبد الله المسناوي ن مطبوع .
9 – ((إبرام النقض في مسألة القبض)) لمحمد الحضري الجكني الشنقيطي ، مطبوع في دار ((دار البشائر )) / سنة (( 1416هـ - 1996 مـ)
10 – (( نصرة الرفع و القبض في الصلاة النفل و الفرض)) لمحمد الكانوني الآسفي ، أفاده عبد العزيز بن عبد الله في معلقه (( معلمة الفقه المالكي )) ـ صـ 280 ـ
11 – (( الكتاب الثمين في الضم و التـأمين )) لبدر الدين الحوثي ، مخطوطة في مكتبته (( ضحيان)) باليمن .
12 – (( سلوك السبيل الواضح في بيان أن القبض في الصلوات كلها مشهور راجح)) لمحمد بن جعفر الكتاني ، أفاده عبد العزيز بن عبد الله في (( معلمه الفقه المالكي )) ـ 285 ـ
13 – (( نصرة القبض و الرد على من أنكر مشروعيته في الصلاة )) لمحمد بن أحمد المشااري ، مخطوط في الأزهرية .
14 – (( الجواب المسكت في رد حجج المعترض على القائلين بندبية القبض في صلاة النفل و الفرض)) لأبي الخير الاروانين مخطوط في موريتانيا .
15 – (( رفع الشأن المصنف السالك بإثبات سنة القبض في الصلاة في مذهب الإمام مالك ))لأحمد الغماري ، أفاده محمود سعيد ممدوح في (( تشنيف الأسماع )) ـ صـ 82 ـ ، مطبوع في مصر سنة ( 1933 م)
16 – (( هيئة الناسك في أن القبض في الصلاة مذهب مالك )) لابن عزوز ، مطبوع في مصر ن سنة 1963م
17 – (( رسالة النصر لكراهة القبض و الإحتجاج على من نازع فيها في صلاة الفرض ))لأبي عيسى سيدي النهدي الوزاني ، مطبوع في موريتنبا
18 – (( القول الفصل في تأيد سنة السدل على مذهب إمام دار الهجرة النبوية الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه )) لمحمد عابد، مطبوع في موريتانيا .
19 – (( إرشاد السالك إلى إرسال مالك )) لعلي القاري ، مطبوع (بتحقيقي).
1 ـ قال المحقق الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان في تعليقه ـ طبع هذا الكتاب عدة طبعات، و كانت الطبعة الأولى كما ذكر المصنف ، و أما الطبعة الثانية فكانت سنة [1395هـ / 1975 مـ ]. أعيدت طباعته على نفقة وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية بالمغرب ، و هي التي سنعزوها لها .
2 - للمصنف مقالة بعنوان (( منقبة المجاهد الأكبر محمد الخامس ـ طيب الله ثراه - )) مشرت في مجلة (( الجامعة السلفية الهندية )) [ المجلد الثالث عشر/العدد السادس ن شعبان 1401 هـ ، الموافق ـ يوتيوا ـ ) سنة 1981 [ ص 4 -8 ) و هي في كتابنا (( مقالات الهلالي )) يسر الله إتمامه و نشره .
3 – الخطااب الوارد في الآية و إن كان واردا في بني إسرائيل ، فهو تنبيه لسائر الخلق ، و تحذير من مثله ، فصار الخطاب و إن كان خاصا في الصورة ، و لكنه عاام في المعنى ، و أنت ترى كثيرا من الذين يروجون مقاصدهم يؤولون الأدلة ، و يحيلونها إلى وجه بعيد ، و يكتمون الحق و يسترونه بالباطل ، حتى إذا كانت الأدلة لهم ، قاموا في تأيدها و نصرها ، و إن كانت عليهم حرفوها و بدلوها ، و نبذوها و راء ظهورهم ، فكتموا الحق تارة ، و لبسوه بالباطل تارة ثانية ن و قاله ابن بدران في (( جواهر الأفكار )) ـ 193 ـ
[/size][/size]