إلى متى سيبقى التشغيب على السلفيين بالتَّهوين من شأن الخلاف
الواقع بينهم وبين جمعية إحياء التراث
الواقع بينهم وبين جمعية إحياء التراث
بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،
وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. أما بعد:
فلقد استفحل في هذه الأيام أمر
المُشغِّبين على السلفيين بالتَّهوين من شأن الخلاف الواقع بينهم وبين جمعية إحياء
التراث؛ متجاهلين ما عليه هذه الجمعية من البدعة والانحراف؛ وضاربين بأقوال علمائنا
-الذين بيَّنوا ونصحوا وحذَّروا من هذه الجمعية- ضاربين بأقوالهم وفتاويهم عرض
الحائط؛ حتى كادوا أن يلبسوا على بعض السلفيين، ويزحزحوا الأمر في
نفوسهم.
ومن المعلوم أن ممَّن حذَّر من هذه الجمعية من
علمائنا:
الشيخ العلامة مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله.
وشيخنا
العلامة ربيع بن هادي المدخلي حامل راية الجرح والتعديل في هذا الزمان حفظه
الله.
وشيخنا العلامة عبيد بن عبد الله الجابري حفظه الله.
وغيرهم من
المشايخ السلفيين العارفين بحال هذه الجمعية.
فهل نترك أقوال علمائنا الذين
لم يجرحوا جمعية إحياء التراث إلا بعلم وعدل، ونأخذ بأقوال المشغِّبين علينا معشر
السلفيين وعلى علمائنا؟!!.
ثم لنتأمل؛ بماذا يشغِّبون علينا، وما هي الأقوال
التي يشغِّبون بها ليجعلوا من هذه الجمعية جمعية سلفية، أو ليصرفوا –على الأقل-
عنها التَّبديع.
فأقول:
القول الأول: قالوا: إن ما عند هذه الجمعية
أخطاء، ومرادهم: التَّهوين من شأن هذه الأخطاء.
ونحن معشر السلفيين نسلِّم
لهم بأن ما عند هذه الجمعية أخطاء، ولا ينكر ذلك أحد منا.
ولكننا نقول: ما
هي هذه الأخطاء؟ اذكروها لنا وأوقفونا عليها؛ لنرى في أي نوع من الأنواع يمكننا
إدراجها.
فالكفر بقسميه خطأ؛ سواء كان مخرج من الملة أو غير مخرج من الملة،
والشرك كذلك بقسميه خطأ؛ سواء أخرج صاحبه من دائرة الإسلام أو لم يخرجه، والبدع
خطأ؛ سواء كانت مكفرة أو غير مكفرة، والكبيرة خطأ، والصغيرة أيضا خطأ.
ففي
أي نوع من هذه الأنواع تندرج أخطاء جمعية إحياء التراث؟.
لا شك أخي القارئ
أن الجواب على ذلك سيظهر -لمن لا يعرف حال هذه الجمعية- عند ذكرنا لبعض هذه
الأخطاء.
هذا أولا.
أما ثانيا: فأقول:
(قوله: أخطاء): ما
مراده من كلمة أخطاء؟
فإن كان مراده أنها أخطاء بدعيَّة ينعقد عليها الولاء
والبراء، وأنه ينبغي للسلفيين أن يحذَروهم ويحذِّروا منهم، وأن يبيِّنوا أخطاءهم؛
فلا خلاف حينئذ بيننا وبينه، ولا حاجة لنا وقتها بهذا التَّشغيب.
أما إن كان
مراده أن هذه الأخطاء دون البدع، وأنها لا ينعقد عليها الولاء والبراء، وأن كلا منا
على ثغرة، وهو ما نسمعه كثيرا، فكثيرا ما نسمع أن هذه الأخطاء دون
البدع.
وهنا ليس لنا إلا أن نورد على قائل هذه العبارة بعض الأسئلة؛ ألا
وهي:
في أي الأقسام تندرج مخالفة جمعية إحياء التراث لأهل السنة والجماعة في
أقسام التوحيد؟
وفي أي الأقسام يندرج تبنيهم لتوحيد الحاكمية البدعي،
وإفراده بقسمٍ مستقل؟
وفي أي الأقسام يندرج تكفيرهم المسلمين
بالحاكمية؟
وفي أي الأقسام تندرج مخالفتهم لأهل السنة والجماعة في مسألة
الحكم بغير ما أنزل الله؟
وفي أي الأقسام يندرج إلباسهم الإصرار على المعاصي
لباس الاستحلال؟
وفي أي الأقسام يندرج تكفيرهم المُصِر على المعصية من
المسلمين؟
وفي أي الأقسام يندرج سعيهم لإيجاد المجتمع المسلم؟
وفي أي
الأقسام يندرج سعيهم لإيجاد الدولة المسلمة؟
وغير ذلك كثير مما سيأتي تفصيله
–بإذن الله تعالى- في مقالات متتابعة، هذه أولها.
القول الثاني: قالوا: إن
منهج الجمعية مختلف عن منهج عبد الرحمن عبد الخالق، بل زادوا على ذلك من أجل
التَّهوين من شأن الخلاف بِأَنْ قالوا: إن عبد الرحمن مطرود من
الجمعية.
وهذا القول مما لا دليل عليه، بل الأدلة على خلافه، وهو ما سيظهر
للقارئ الكريم في المقالات القادمة.
وما أكثر ما نسمع مثل هذه الدعاوى في
هذه الأيام، بل وقبل فترة من الزمان، وكثيرا ما سمعنا أن جمعية إحياء التراث على
خلاف مع شيخهم عبد الرحمن عبد الخالق، وأن أكثرهم لا يُوافقه على منهجه، حتى صرنا
نسمع بأنه مطرود من الجمعية.
وهذه دعاوى لا تبت للحقيقة بصلة، وإنما هي
دعاوى يدَّعونها من أجل التَّلبيس على السلفيين.
يعلم ذلك كل من وقف على ما
عندهم من ودٍّ وولاءٍ لشيخهم، ومِن تمسكٍ بمنهجه، ومِن حملٍ للراية البدعية التي
يحملها، ومِن دعوةٍ مستميتةٍ لما يدعو إليه؛ فَهُم مَن نشر منهجه الباطل بين
المسلمين، سواء من خلال مجلتهم الفرقان، أو من خلال تقديمه في الدروس والمحاضرات
وجمع الناس حوله، أو من خلال تبنيهم لأفكاره ودعوته الباطلة، ونشرها في دروسهم
ومحاضراتهم التي يقيمونها باسم السلفية والدفاع عن الدين، وحماية بيضة الإسلام
والمسلمين.
وما ذلك عنا ببعيد:
ففي ندوةٍ لهم عامَّة تحت عنوان:
(مأساة غزة محنة ومنحة)؛ شاركهم فيها شيخهم ومؤسِّسهم عبد الرحمن عبد الخالق، وذلك
يوم الاثنين 15/1/1430هـ، 12/1/2009م، وكان ذلك في أحد فروع الجمعية، كما ذكرت ذلك
جريدة الوطن الكويتية في التاريخ المذكور نفسه.
ثم: لو سلمنا لهؤلاء
المشغِّبين جدلا؛ بأن عبد الرحمن عبد الخالق مطرودٌ من الجمعية كما أسمع ويسمع غيري
ذلك كثيرًا، فهل الخلاف بين السلفيين وبين جمعية إحياء التراث في شخص عبد الرحمن،
أم هو خلاف معهم في العقيدة والمنهج الذي يحملونه، ويُخالفون به عقيدة ومنهج أهل
السنة والجماعة.
فالمنهج البدعي الذي تحمِله هذه الجمعية السياسية الحزبية
وتسير عليه؛ والذي ربَّاها عليه شيخها ومؤسسها عبد الرحمن عبد الخالق منذ نعومة
أظفار الأتباع، هو أصل الخلاف بين السلفيين وبين أتباع جمعية إحياء
التراث.
وبهذا نعلم: أن الخلاف بين السلفيين وبين هذه الجمعية؛ خلافٌ
عَقَدِيٌّ؛ وذلك لما تحمِله هذه الجمعية من دعوةٍ مخالفة -سعت من خلالها في تفريق
السلفيين في كل مكان- ومن منهجٍ فاسدٍ مخالفٍ لمنهج أهل السنة والجماعة.
وفي
هذا جواب على ما قاله القائلون في القول الثالث؛ إذ قالوا:
القول الثالث: إن
خلافنا مع جمعية إحياء التراث ليس خلافًا عَقَديًّا.
وهذا كما ذكرت قد سبق
جوابه، وسيأتي فيه زيادة بيان في المقالات القادمة؛ التي سيظهر للقارئ الكريم من
خلالها ما عليه هذه الجمعية من البدع والانحرافات.
وهنا أقول: إن لم يكن
خلافنا معهم خلافًا عَقَدِيًّا، فما هو إذن نوع هذا الخلاف؟
وختامًا
أقول:
هذه المقالة الأولى من سلسلة من المقالات؛ وهي عبارة عن مقدمة وتمهيد
بين يدي الموضوع الرئيسي الذي هو بعنوان: "الأدلة والبراهين على أن عبد الرحمن عبد
الخالق وجمعية إحياء التراث وجهان لعملة واحدة".
وستكون –بإذن الله تعالى-
لكل حلقة من هذه السلسلة عنوان خاص بها يندرج تحت العنوان الرئيسي
للموضوع.
أسأل الله عز وجل أن يبارك في عملي، وأن يجعله خالصًا لوجهه
الكريم، وأن يجعل لهذه المقالات القبول عند المسلمين، فتلقى قلوبًا واعية، وآذانًا
صاغية؛ لينكشف لهم حال المنحرفين، والمخالفين، والمحرِّفين لمعاني الدين؛ الناشرين
للبدعة والضلالة بين المسلمين، فيكونوا على بصيرةٍ من أمرهم، ويعرفوا المحِق من
المُبطِل، فيتمسكوا بالدعاة الحقيقيين الناصحين، ويُجانبوا أهل الأهواء والبدع
المُخادِعين المنحرفين.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه: علي حسين الفيلكاوي