أسباب الإرهاب والعنف والتطرف
دراسة تحليلية
إعداد
د . أسماء بنت عبد العزيز الحسين
أستاذ الصحة النفسية المساعد
بكلية التربية للبنات بالرياض
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى : وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
وقال سبحانه : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ وقال عليه الصلاة والسلام : من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني .
[ رواه البخاري ] .
وقال سهل بن عبد الله رحمه الله : " لا يزال الناس بخير ما عظموا السلطان والعلماء ، فإن عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم ، وإذا استخفوا بهذين أفسد دنياهم وأخراهم " .
[ نقلا عن القرطبي : ط الجامع لأحكام القرآن " : ( 5 / 260 ) ] .
المقدمة
نبدأ بذكر الله : أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ
بسم الله الرحمن الرحيم ؛ فاتحة كل خير وتمام كل نعمة .
الحمد لله رب العالمين . الرحمن الرحيم . مالك يوم الدين ، الحمد لله واضع الموازين ارتضى لنا دين الإسلام ودعا إليه ، ودعا إلى تحية السلام ودار السلام ، وحث عباده على العدل والإحسان ، ونهاهم عن الظلم والاعتداء والطغيان ، ووعد عباده المؤمنين المتبعين لنهجه القويم وصراطه المستقيم بالتمكين في الأرض والأمان . جعل من دعوة إبراهيم عليه السلام : . . رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وأقر عيون ساكنيه بأمنهم من الخوف وبالأمن والاستقرار لتهدأ النفوس وتقر الأجفان ويهنأ المسلمون بالتوحيد والعبادة للواحد الديان ، سبحانه وتعالى له النعمة والفضل والثناء الحسن ، والصلاة والسلام الأتمان على إمام الهدى والخير نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
فقد وضعنا الله - سبحانه وتعالى - على المحجة البيضاء ، من استظل بها نجا ، ومن زاغ عنها هلك ، وأكمل - سبحانه - علينا دينه وأتم نعمته ، والإنسان في دروب الحياة تضطرب أحواله ما بين خير وشر وهداية وضلال ، وهو الذي يلقي بنفسه إلى المهالك وإلى دروب العذاب والتهلكة إلا من رحم ربي سواء بضعفه عن ضبط نفسه أو نوازع الشر فيها أو باستسلامه وعدم جهاده لمكائد الشيطان ونفسه الأمارة بالسوء ، أو بما يكتسبه ويتعلمه من وسائل العنف والعدوان والتطرف .
ولا شك أن العنف والعدوان سلوك يظهر في سلوكيات كثير من البشر ، ويرجع إلى عوامل ودوافع تحركه ، وقد عرف السلوك العدواني والعنف في كل العصور ، وكانت أول صور العنف بين ابني آدم - عليه السلام - عندما تقبل الله من أحدهما ولم يتقبل من الآخر فقتل الخاسر أخاه الرابح حسدا وظلما ، والسلوك العدواني هو ما يقوم فيه المعتدي بإيذاء غيره أو نفسه وغيره معا .
ولفترات التنشئة الأولى في الصغر دور كبير في إكساب وتعليم هذا السلوك ، وقد يصبح مميزا لبعضهم في مرحلة الشباب .
وقد يبدأ السلوك التخريبي منذ الصغر في صورة إتلاف الممتلكات ، والمقتنيات أو تشويهها تعبيرا عن عدم الاستجابة للمطالب أو الأنانية ، ويصبح أكثر خطورة حينما يأخذ صورة سلوك جماعي أو عصبة لتفريغ الطاقة ، وحينما يصبح سلوكا مرضيا تنعكس آثاره على المحيطين في الأسرة والمجتمع بل في الدول على مستوى عالمي .
وتتنوع الأسباب المؤدية إلى العنف والإرهاب والتطرف ، وقد تتضافر كلها أو أغلبها في الظهور لدى الشخص والتي تمتد آثارها إلى زعزعة النظام المجتمعي والأمان النفسي الذي يعد من أهم الضرورات الإنسانية لدى البشرية جمعاء .
واستشعارا من الباحثة بأهمية معرفة أسباب الإرهاب والعنف والتطرف : النفسية والاجتماعية ، والفكرية ، وغيرها مجتمعة وبصورة شاملة متعمقة ، فقد قامت باختيار هذا الجانب والكتابة فيه ، وتتمثل أهمية هذا الإجراء في كون الإرهاب أصبح ظاهرة منتشرة في بلاد العالم كله ، تهدد سلامة الجماعات والأفراد وأمنهم ، وحيث إن الإرهاب بهذا الشكل وفد من الغرب في أساسه عقب الحرب العالمية الأولى وبعد الثانية وبدءا بالعشرينيات مرورا بالثلاثينيات إلى نهاية الأربعينيات حيث شنت المنظمات اليهودية الرعب الصهيوني في فلسطين عن طريق جماعات إرهابية وفي مقدمتها " الأرقن " وما صاحبها من مجازر" دير ياسين" وغيرها ، و"الستيرن" و"الهاجاناه" ، ثم تلا قيام دولة إسرائيل سلسلة من الحروب وأعمال العنف بين العرب وإسرائيل زاولت فيها إسرائيل شتى أنواع الرعب والإرهاب ، والاعتداء المسلح والقتل الجماعي وما زالت تزاول ذلك ضد العرب إلى يومنا هذا .
والإسلام من سماته الرفق والعدالة والمحبة والأمن والحرية السامية ، وهو دين يحارب العنجهية والخروج على الحاكم ما دام قائما بشرع الله تعالى ، ويحرم الظلم والبغي والإفساد في الأرض .
ولا شك أن الظروف المحيطة اليوم وظهور حركات العنف والإرهاب في مجتمعاتنا الإسلامية على وجه الخصوص الآمنة بطبعها وبفضل ربها وخالقها والتي تستهجن العنف والغلو والإرهاب اتفاقا مع الشرع القويم يستدعي الاتحاد والتعاون في القضاء عليها والعمل الجاد على اجتثاثها من جذورها كل حسب تخصصه وميدانه .
ومعرفة الأسباب المختلفة وحصرها خطوة مهمة وضرورية للحد من العنف والإرهاب والتطرف والقضاء عليه بإذن الله ، وفي هذا استجابة لله القائل عز من قائل : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وامتثالا لقوله سبحانه : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ كما أن الله - تعالى - ينهى عن الاعتداء بقوله : وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
وبهذه المناسبة لا يفوتني أن أتقدم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وأخص بالشكر رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر العالمي عن موقف الإسلام من الإرهاب على إتاحة الفرصة لي للمشاركة بهذا البحث ( بما يتعلق بتوضيح أسباب الإرهاب ) وعلى الإسهامات والجهود الطيبة المباركة بإذن الله في تناول وتيسير مثل هذا الأمر .
سائلة المولى سبحانه وتعالى أن يرفع ما بالأمة من بلاء ، ويصوب فكر المنحرف ويقوم المعوج ، ويحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء ويوفقنا لما فيه الخير والفلاح .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
دراسة تحليلية
إعداد
د . أسماء بنت عبد العزيز الحسين
أستاذ الصحة النفسية المساعد
بكلية التربية للبنات بالرياض
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى : وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
وقال سبحانه : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ وقال عليه الصلاة والسلام : من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني .
[ رواه البخاري ] .
وقال سهل بن عبد الله رحمه الله : " لا يزال الناس بخير ما عظموا السلطان والعلماء ، فإن عظموا هذين أصلح الله دنياهم وأخراهم ، وإذا استخفوا بهذين أفسد دنياهم وأخراهم " .
[ نقلا عن القرطبي : ط الجامع لأحكام القرآن " : ( 5 / 260 ) ] .
المقدمة
نبدأ بذكر الله : أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ
بسم الله الرحمن الرحيم ؛ فاتحة كل خير وتمام كل نعمة .
الحمد لله رب العالمين . الرحمن الرحيم . مالك يوم الدين ، الحمد لله واضع الموازين ارتضى لنا دين الإسلام ودعا إليه ، ودعا إلى تحية السلام ودار السلام ، وحث عباده على العدل والإحسان ، ونهاهم عن الظلم والاعتداء والطغيان ، ووعد عباده المؤمنين المتبعين لنهجه القويم وصراطه المستقيم بالتمكين في الأرض والأمان . جعل من دعوة إبراهيم عليه السلام : . . رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وأقر عيون ساكنيه بأمنهم من الخوف وبالأمن والاستقرار لتهدأ النفوس وتقر الأجفان ويهنأ المسلمون بالتوحيد والعبادة للواحد الديان ، سبحانه وتعالى له النعمة والفضل والثناء الحسن ، والصلاة والسلام الأتمان على إمام الهدى والخير نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :
فقد وضعنا الله - سبحانه وتعالى - على المحجة البيضاء ، من استظل بها نجا ، ومن زاغ عنها هلك ، وأكمل - سبحانه - علينا دينه وأتم نعمته ، والإنسان في دروب الحياة تضطرب أحواله ما بين خير وشر وهداية وضلال ، وهو الذي يلقي بنفسه إلى المهالك وإلى دروب العذاب والتهلكة إلا من رحم ربي سواء بضعفه عن ضبط نفسه أو نوازع الشر فيها أو باستسلامه وعدم جهاده لمكائد الشيطان ونفسه الأمارة بالسوء ، أو بما يكتسبه ويتعلمه من وسائل العنف والعدوان والتطرف .
ولا شك أن العنف والعدوان سلوك يظهر في سلوكيات كثير من البشر ، ويرجع إلى عوامل ودوافع تحركه ، وقد عرف السلوك العدواني والعنف في كل العصور ، وكانت أول صور العنف بين ابني آدم - عليه السلام - عندما تقبل الله من أحدهما ولم يتقبل من الآخر فقتل الخاسر أخاه الرابح حسدا وظلما ، والسلوك العدواني هو ما يقوم فيه المعتدي بإيذاء غيره أو نفسه وغيره معا .
ولفترات التنشئة الأولى في الصغر دور كبير في إكساب وتعليم هذا السلوك ، وقد يصبح مميزا لبعضهم في مرحلة الشباب .
وقد يبدأ السلوك التخريبي منذ الصغر في صورة إتلاف الممتلكات ، والمقتنيات أو تشويهها تعبيرا عن عدم الاستجابة للمطالب أو الأنانية ، ويصبح أكثر خطورة حينما يأخذ صورة سلوك جماعي أو عصبة لتفريغ الطاقة ، وحينما يصبح سلوكا مرضيا تنعكس آثاره على المحيطين في الأسرة والمجتمع بل في الدول على مستوى عالمي .
وتتنوع الأسباب المؤدية إلى العنف والإرهاب والتطرف ، وقد تتضافر كلها أو أغلبها في الظهور لدى الشخص والتي تمتد آثارها إلى زعزعة النظام المجتمعي والأمان النفسي الذي يعد من أهم الضرورات الإنسانية لدى البشرية جمعاء .
واستشعارا من الباحثة بأهمية معرفة أسباب الإرهاب والعنف والتطرف : النفسية والاجتماعية ، والفكرية ، وغيرها مجتمعة وبصورة شاملة متعمقة ، فقد قامت باختيار هذا الجانب والكتابة فيه ، وتتمثل أهمية هذا الإجراء في كون الإرهاب أصبح ظاهرة منتشرة في بلاد العالم كله ، تهدد سلامة الجماعات والأفراد وأمنهم ، وحيث إن الإرهاب بهذا الشكل وفد من الغرب في أساسه عقب الحرب العالمية الأولى وبعد الثانية وبدءا بالعشرينيات مرورا بالثلاثينيات إلى نهاية الأربعينيات حيث شنت المنظمات اليهودية الرعب الصهيوني في فلسطين عن طريق جماعات إرهابية وفي مقدمتها " الأرقن " وما صاحبها من مجازر" دير ياسين" وغيرها ، و"الستيرن" و"الهاجاناه" ، ثم تلا قيام دولة إسرائيل سلسلة من الحروب وأعمال العنف بين العرب وإسرائيل زاولت فيها إسرائيل شتى أنواع الرعب والإرهاب ، والاعتداء المسلح والقتل الجماعي وما زالت تزاول ذلك ضد العرب إلى يومنا هذا .
والإسلام من سماته الرفق والعدالة والمحبة والأمن والحرية السامية ، وهو دين يحارب العنجهية والخروج على الحاكم ما دام قائما بشرع الله تعالى ، ويحرم الظلم والبغي والإفساد في الأرض .
ولا شك أن الظروف المحيطة اليوم وظهور حركات العنف والإرهاب في مجتمعاتنا الإسلامية على وجه الخصوص الآمنة بطبعها وبفضل ربها وخالقها والتي تستهجن العنف والغلو والإرهاب اتفاقا مع الشرع القويم يستدعي الاتحاد والتعاون في القضاء عليها والعمل الجاد على اجتثاثها من جذورها كل حسب تخصصه وميدانه .
ومعرفة الأسباب المختلفة وحصرها خطوة مهمة وضرورية للحد من العنف والإرهاب والتطرف والقضاء عليه بإذن الله ، وفي هذا استجابة لله القائل عز من قائل : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وامتثالا لقوله سبحانه : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ كما أن الله - تعالى - ينهى عن الاعتداء بقوله : وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
وبهذه المناسبة لا يفوتني أن أتقدم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وأخص بالشكر رئيس اللجنة العلمية للمؤتمر العالمي عن موقف الإسلام من الإرهاب على إتاحة الفرصة لي للمشاركة بهذا البحث ( بما يتعلق بتوضيح أسباب الإرهاب ) وعلى الإسهامات والجهود الطيبة المباركة بإذن الله في تناول وتيسير مثل هذا الأمر .
سائلة المولى سبحانه وتعالى أن يرفع ما بالأمة من بلاء ، ويصوب فكر المنحرف ويقوم المعوج ، ويحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء ويوفقنا لما فيه الخير والفلاح .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
عدل سابقا من قبل أبو عبيدة الأثري في الجمعة سبتمبر 19, 2008 1:35 am عدل 1 مرات