انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى قائم على منهج السلف الصالح في فهم النصوص الشرعية


    مجالس شهر رمضان

    أبو حارثة الأثري الجزائري
    أبو حارثة الأثري الجزائري
    المشرف العام


    ذكر عدد الرسائل : 411
    الرتبة : مجالس شهر رمضان Mouchr10
    السٌّمعَة : 1
    نقاط : 5
    تاريخ التسجيل : 24/05/2008

    مجالس شهر رمضان Empty مجالس شهر رمضان

    مُساهمة من طرف أبو حارثة الأثري الجزائري الجمعة أغسطس 15, 2008 4:20 pm






    مجالس شهر رمضان







    بِسْمِ

    اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ







    إن الحمدَ


    لله نحمدُه ونستعينهُ، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرورِ أنفسِنا ومن


    سيئاتِ أعمالِنا. من يهدِه اللهُ فلا مضلَ له، ومن يضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن
    لا إِلـهَ إِلاَّ اللهُ وحدَه لا شريكَ له،


    وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه صلَّى الله عليه وعلى آلِه وأصحابِه ومن تبعهم


    بإِحسانٍ إلى يومِ الدين وسلَّم


    تسليمًا.




    أما

    بعد:





    فهذه مجالسُ لشهرِ رمضانَ المبارك تستوعبُ كثيرًا من


    أحكامِ الصيامِ والقيامِ والزكاةِ وما يناسبُ المقامَ في هذا الشهر الفاضل،
    رتبتُّها


    على مجالسَ يوميةٍ أو ليليةٍ، انتخبتُ كثيرًا من خطبِها من كتاب «قُرّة العيون


    المبصرة بتلخيص كتاب التبصرة» مع تعديلِ ما يُحتاجُ إلى تعديلِه، وأكثرت فيها من

    ذكر الأحكام والآداب لحاجة الناس إلى ذلك.





    وسميته: «مجالس شهر رمضان». وقد سبق


    أن طبع عدة مرات، ثم بدا لي أن أعلِّق عليه بصفة مختصرة، وتخريج أحاديثه، وإضافة ما


    رأيته محتاجًا إلى إضافة، وحذف ما رأيته مستغنى عنه، وهو يسير لا يخلّ بمقصود


    الكتاب، أسأل الله تعالى أن يجعل عملنا خالصًا لله، وأن ينفع به إنه جواد


    كريم.








    المجلس


    الأول في فضل شهر


    رمضان




    الحمدُ


    للهِ الذي أنشأَ وبَرَا، وخلقَ الماءَ والثَّرى، وأبْدَعَ كلَّ شَيْء وذَرَا، لا


    يَغيب عن بصرِه صغيرُ النَّمْل في الليل إِذَا سَرى، ولا يَعْزُبُ عن علمه مثقالُ


    ذرةٍ في الأرض ولاَ في السَّماء:

    {لَهُ مَا فِي السَّمَـوَتِ


    وَمَا فِي الاَْرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى * وَإِن تَجْهَرْ


    بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى * اللَّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ


    هُوَ لَهُ الاَْسْمَآءُ الْحُسْنَى}[طه:
    6-8].




    خَلَقَ آدَمَ فابتلاه ثم


    اجْتَبَاهُ فتاب عليه وهَدَى، وبَعَثَ نُوحاً فصنَع الفُلْكَ بأمر الله وجَرَى،


    ونَجَّى الخَليلَ من النَّارِ فصار حَرُّها بَرْدًا وسلامًا عليه فاعتَبِرُوا بِمَا


    جَرَى، وآتَى مُوسى تسعَ آياتٍ فَمَا ادَّكَرَ فِرْعَوْنُ وما ارْعَوَى، وأيَّدَ


    عيسى بآياتٍ تَبْهَرُ الوَرى، وأنْزلَ الكتابَ على محمد فيه البيَّناتُ


    والهُدَى،


    أحْمَدُه على نعمه التي لا


    تَزَالُ تَتْرَى، وأصلِّي وأسَلِّم على نبيِّه محمدٍ المبْعُوثِ في أُمِ القُرَى،


    صلَّى الله عليه وعلى صاحِبِهِ في الْغارِ أبي بكرٍ بلا مِرَا، وعلى عُمَرَ


    الْمُلْهَمِ في رأيه فهُو بِنُورِ الله يَرَى، وعلى عثمانَ زوجِ ابْنَتَيْهِ ما كان


    حديثاً يُفْتَرَى، وعلى ابن عمِّهِ عليٍّ بَحْرِ العلومِ وأسَدِ الشَّرى، وعلى


    بَقيَةِ آله وأصحابِه الذين انتَشَرَ فضلُهُمْ في الوَرَىَ، وسَلَّمَ

    تسليمًا.





    إخواني:




    لقد


    أظَلَّنَا شهرٌ كريم، وموسمٌ عظيم، يُعَظِّمُ اللهُ فيه الأجرَ ويُجْزلُ المواهبَ،


    ويَفْتَحُ أبوابَ الخيرِ فيه لكلِ راغب، شَهْرُ الخَيْراتِ والبركاتِ، شَهْرُ


    المِنَح والْهِبَات،
    {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى


    أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَـاتٍ مِّنَ الْهُدَى


    وَالْفُرْقَانِ}[البقرة:
    185] شهرٌ


    مَحْفُوفٌ بالرحمةِ والمغفرة والعتقِ من النارِ، أوَّلُهُ رحمة، وأوْسطُه مغفرةٌ،


    وآخِرُه عِتق من النار.




    اشْتَهَرت بفضلِهِ الأخبار، وتَوَاتَرَت فيه


    الآثار، ففِي الصحِيْحَيْنِ: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ النبي -صلى الله
    عليه


    وسلّم- قال:
    (إِذَا جَاءَ رمضانُ فُتِّحَت أبوابُ الجنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبوابُ


    النار، وصُفِّدتِ الشَّياطينُ)،


    وإنما


    تُفْتَّحُ أبوابُ الجنة في هذا الشهرِ لِكَثْرَةِ الأعمالِ الصَالِحَةِ وتَرْغِيباً
    للعَاملِينْ، وتُغَلَّقُ أبوابُ النار لقلَّة المعاصِي من أهل الإِيْمان،


    وتُصَفَّدُ الشياطينُ فَتُغَلُّ فلا يَخْلُصونُ إلى ما يَخْلُصون إليه في


    غيرِه.




    وَرَوَى الإِمامُ أحمدُ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ النبيَّ -صلى الله


    عليه وسلّم- قال:


    (أُعْطِيَتْ أمَّتِي خمسَ


    خِصَال في رمضانَ لم تُعْطهُنَّ أمَّةٌ من الأمَم قَبْلَها: خُلُوف فِم الصائِم


    أطيبُ عند الله من ريح المسْك، وتستغفرُ لهم الملائكةُ حَتى يُفطروا، ويُزَيِّنُ


    الله كلَّ يوم جَنتهُ ويقول: يُوْشِك عبادي الصالحون أن يُلْقُواْ عنهم المؤونة
    والأذى


    ويصيروا إليك، وتُصفَّد فيه مَرَدةُ الشياطين فلا يخلُصون إلى ما كانوا يخلُصون


    إليه في غيرهِ، ويُغْفَرُ لهم في آخر ليلة،


    قِيْلَ يا رسول الله أهِيَ ليلةُ


    القَدْرِ؟ قال:

    (لاَ، ولكنَّ العاملَ إِنما يُوَفَّى أجْرَهُ إذا


    قضى عَمَلَه).



    أبو حارثة الأثري الجزائري
    أبو حارثة الأثري الجزائري
    المشرف العام


    ذكر عدد الرسائل : 411
    الرتبة : مجالس شهر رمضان Mouchr10
    السٌّمعَة : 1
    نقاط : 5
    تاريخ التسجيل : 24/05/2008

    مجالس شهر رمضان Empty رد: مجالس شهر رمضان

    مُساهمة من طرف أبو حارثة الأثري الجزائري الجمعة أغسطس 15, 2008 4:23 pm




    إخواني:





    هذه الخصالُ الخَمسُ


    ادّخَرَها الله لكم، وخصَّكم بها مجالس شهر رمضان مِنْ بين سائِر الأمم، وَمنَّ


    عليكم ليُتمِّمَ بها عليكُمُ النِّعَمَ،


    وكم لله عليكم منْ نعم وفضائلَ:


    {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ


    بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[آل
    عمران: 110].





    الخَصْلَةُ


    الأولى:
    أن خُلْوفَ فَمِ الصائِم أطيبُ عند الله مِنْ

    ريحِ المسك.






    والخلوف بضم الخاءِ أوْ فَتْحَها: تَغَيُّرُ

    رائحةِ الفَم عندَ خُلُوِّ الْمَعِدَةِ من الطعام.






    وهي رائحةٌ


    مسْتَكْرَهَةٌ عندَ النَّاس؛ لَكِنَّها عندَ اللهِ أطيبُ من رائحَةِ المِسْك؛
    لأنَها


    نَاشِئَةٌ عن عبادة الله


    وَطَاعَتهِ.





    وكُلُّ ما


    نَشَأَ عن عبادته وطاعتهِ فهو محبوبٌ عِنْدَه سُبحانه، يُعَوِّضُ عنه صاحِبَه ما هو


    خيرٌ وأفْضَلُ


    وأطيبُ.





    ألا


    تَرَوْنَ إلى الشهيدِ الذي قُتِلَ في سبيلِ اللهِ يُريد أنْ تكونَ كَلِمةُ اللهِ هي


    الْعُلْيَا يأتي يوم الْقِيَامَةِ وَجرْحُه يَثْعُبُ دماً لَوْنُهَ لونُ الدَّم


    وريحُهُ ريحُ

    المسك؟






    وفي


    الحَجِّ يُبَاهِي اللهُ الملائكة بأهْل المَوْقِفِ فيقولُ سبحانَه:
    (انْظُرُوا إلى عبادِي هؤلاء جاؤوني شُعْثًا غُبْرًا)،
    رواه أحمد


    وابن حبَّان في صحيحه.





    وإنما كانَ


    الشَّعَثُ محبوبًا إلى اللهِ في هذا الْمَوْطِنِ؛ لأنه ناشِئٌ عَن طاعةِ اللهِ


    باجتنابِ مَحْظُوراتِ الإِحْرام وترك


    التَّرَفُّهِ.





    -الخَصْلَةُ


    الثانيةُ:


    أن الملائكةَ تستغفرُ لَهُمْ

    حَتَّى يُفْطروا.






    وَالملائِكةُ عبادٌ
    مُكْرمُون عند اللهِ:
    {لاَّ


    يَعْصُونَ اللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[التحريم:
    6]، فهم جَديْرُون بأن يستجيبَ الله دُعاءَهم للصائمينَ حيث أذِنَ لهم به.





    وإنما أذن الله لهم بالاستغفارِ للصائمين مِنْ هذه الأُمَّةِ تَنْويهًا


    بشأنِهم، ورفْعَةً لِذِكْرِهِمْ، وَبَيانًا لفَضيلةِ صَوْمهم، والاستغفارُ: طلبُ
    الْمغفِرةِ، وهِي سَتْرُ الذنوب في الدُّنْيَا والاخِرَةِ


    والتجاوزُ عنها. وهي من أعْلىَ المطالبِ وأسْمَى الغَاياتِ فَكلُّ بني آدم خطاؤون


    مُسْرفونَ على أنفسِهمْ مُضْطَرُّونَ إلَى مغفرة اللهِ -عَزَّ


    وَجَل-.





    الخَصْلَةُ


    الثالثةُ:


    أن الله


    يُزَيِّنُ كلَّ يوم جنَّتَهُ ويَقول:

    (يُوْشِك عبادي الصالحون أن


    يُلْقُوا عنهُمُ المَؤُونة والأَذَى ويصيروا


    إليك).





    فَيُزَيِّن تعالى جنته كلَّ يومٍ تَهْيئَةً


    لعبادِهِ الصالحين، وترغيبًا لهم في الوصولِ إليهَا،


    ويقولُ سبحانه:

    (يوْشِك عبادِي


    الصالحون أنْ يُلْقُوا عَنْهُمُ المؤونةُ والأَذَى)،


    يعني: مؤونَة الدُّنْيَا


    وتَعَبها وأذاهَا، ويُشَمِّرُوا إلى الأعْمَالِ الصالحةِ الَّتِي فيها سعادتُهم في


    الدُّنْيَا والاخِرَةِ والوُصُولُ إلى دار السَّلامِ


    والْكَرَامةِ.





    الخَصْلَةُ


    الرابعة:


    أن مَرَدةَ الشياطين يُصَفَّدُون بالسَّلاسِل


    والأغْلالِ، فلا يَصِلُون إِلى ما يُريدونَ من


    عبادِ اللهِ الصالِحِين من الإِضلاَلِ عن الحق، والتَّثبِيطِ عن


    الخَيْر.





    وهَذَا مِنْ مَعُونةِ الله


    لهم أنْ حَبَسَ عنهم عَدُوَّهُمْ الَّذِي يَدْعو حزْبَه ليكونوا مِنْ أصحاب


    السَّعير. ولِذَلِكَ تَجدُ عنْدَ الصالِحِين من الرَّغْبةِ في الخَيْرِ والعُزُوْفِ


    عَن الشَّرِّ في هذا الشهرِ أكْثَرَ من


    غيره.





    الخَصْلَةُ


    الخامسةُ:


    أن الله يغفرُ لأمةِ محمدٍ صلى الله عليه وسلّم


    في آخرِ ليلةٍ منْ هذا الشهر إذا قَاموا بما


    يَنْبَغِي أن يقومُوا به في هذا الشهر المباركِ من الصيام والقيام؛ تفضُّلًا منه


    سبحانه بتَوْفَيةِ أجورِهم عند انتهاء أعمالِهم، فإِن العاملَ يُوَفَّى أجْرَه عند


    انتهاءِ عمله.





    وَقَدْ تَفَضَّلَ سبحانه على عبادِهِ بهذا


    الأجْرِ مِنْ وجوهٍ ثلاثة:





    الوجه


    الأول:


    أنَّه شَرَع لهم من الأعْمال الصالحةِ ما يكون سبَبَاً لمغَفرةِ


    ذنوبهمْ ورفْعَةِ درجاتِهم، وَلَوْلاَ أنَّه شرع ذلك ما

    كان لَهُمْ أن يَتَعَبَّدُوا للهِ بها.






    فالعبادةُ لا تُؤخذُ إِلاَّ


    من وحي الله إلى رُسُلِه. ولِذَلِكَ أنْكَرَ الله على مَنْ يُشَّرِّعُونَ مِنْ


    دُونِه، وجَعَلَ ذَلِكَ نَوْعًا مِنْ الشَّرْك، فَقَالَ سبحانه:





    {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ


    شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ


    الْفَصْلِ لَقُضِىَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّـلِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[الشورى:
    21].





    الوجه


    الثاني:


    أنَّه وَفَّقَهُمْ للعملِ الصالح وقد تَرَكَهُ كثيرٌ من النَّاسِ، وَلَوْلا
    مَعُونَةُ الله لَهُمْ وتَوْفِيْقُهُ


    ما قاموا به. فلِلَّهِ الفَضْلُ والمِنَّة


    بذلك:
    {يَمُنُّونَ
    عَلَيْكَ أَنْ


    أَسْلَمُواْ قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَىَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ


    عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلاِْيمَـانِ إِنُ كُنتُمْ صَـادِقِينَ}[الحجرات:
    17].





    الوجه


    الثالث:


    أنَّه تَفَضَّلَ بالأجرِ الكثيرِ؛


    الحَسنةُ بعَشْرِ أمثالِها إلى سَبْعِمائَةِ ضِعْفٍ إلى أضعافٍ كثيرةٍ، فالْفَضلُ


    مِنَ الله بِالعَمَلِ والثَّوَابِ عليه. والحمدُ للهِ ربِّ


    العالمين.





    إخْوانِي:





    بُلُوغُ رمضانَ نِعمةٌ كبيرةٌ عَلَى مَنْ


    بَلَغهُ وقَامَ بحَقِّه بالرِّجوع إلى ربه من مَعْصِيتهِ إلى طاعتِه، ومِنْ


    الْغَفْلةِ عنه إلى ذِكْرِهِ، ومِنَ الْبُعْدِ عنهُ إلى الإِنَابةِ


    إِلَيْهِ:





    يَـا ذَا الَّذِي مَا كفاهُ الذَّنْبُ في رَجبٍ * حَتَّى عَصَى

    ربَّهُ في شهر شعبانِ






    لَقـَدْ أظَلَّكَ


    شهـرُ الصَّـومِ بَعْدَهُمَا * فَلاَ تُصَيِّرْهُ أَيْضاً شَهْـرَ

    عِصْيانِ






    وَاتْل القُــرآنَ وَسَبِّحْ فيـهِ مجتَهِدًا * فَإِنه

    شَهْـرُ تسبِيـحٍ وقُــرْآنِ






    كَمْ كنتَ تعرِف


    مَّمنْ صَام في سَلَفٍ * مِنْ بين أهلٍ وجِيرانٍ

    وإخْـوَانِ






    أفْنَاهُـمُ الموتُ واسْتبْقَاكَ بَعْـدهمو * حَيًَّا

    فَمَا أقْرَبَ القاصِي من الدانِي






    *رواه البزار والبيهقي


    في كتاب الثواب وإسناده ضعيف جدًا، لكن لبعضه شواهد


    صحيحة.





    *رواه البخاري ومسلم بدون تخصيص بهذه


    صحيح بشواهده.





    *رواه البخاري ومسلم بلفظ: "صُفِّدت الشياطين"، وابن خزيمة بلفظ: "الشياطين مردة
    الجن"، وفي رواية النسائي: "مردة


    الشياطين". وكلها من

    حديث أبي هريرة بدون تخصيص بهذه الأمة.






    *روى نحوه البيهقي من حديث جابر قال المنذري: "وإسناده مقارب


    أصلح مما قبله، يعني حديث أبي هريرة الذي في


    الأصل.










    المجلس الثاني - في فضلِ الصِّيَام





    الحمدُ لله اللطيفِ الرؤوفِ المَنَّانِ،


    الْغَنِيِّ القويِّ السِّلْطَان، الحَلِيمِ الكَرِيم الرحيم الرحمن، الأوَّلِ فلا


    شَيْءٍ قبلَه، الآخر فلا شَيْء بعده، الظَاهرِ فلا شَيْء فوْقَه، الباطِن فلا


    شَيْءٍ دُونَه، المحيطِ عِلْمًا بما يكونُ وما كان، يُعِزُّ وَيُذِلُ، ويُفْقِرُ


    ويُغْنِي، ويفعلُ ما يشاء بحكْمتِهِ كلَّ يَوْم هُو في شان، أرسى الأرضَ بالجبالِ


    في نَوَاحِيها، وأرسَلَ السَّحاب الثِّقالَ بماءٍ يُحْييْها، وقَضَى بالفناءِ على


    جميع سَاكِنِيها لِيَجزِيَ الذين أساؤوا بِمَا عَمِلوا ويَجْزِي المُحْسنين


    بالإِحسان.





    أحْمَدُه على الصفاتِ


    الكاملةِ الحِسَان، وأشكرُه على نِعَمِهِ السَّابغةِ وبَالشَّكرِ يزيد العطاء


    والامْتِنَان، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحْدَه لا شريكَ له المَلِكُ الدَّيَّان،


    وأشهد أنَّ محمداً عَبْدُهُ ورسولُهُ المبعوثُ إلى الإِنس والجان، صلَّى الله عليه


    وعلى آله وأصحابه والتابعينَ لهم بإحسان ما توالت الأزمان، وسلَّم


    تسليمًا.





    إخْوانِي:







    اعلمُوا أنَّ الصومَ من


    أفضَلِ العباداتِ وأجلِّ الطاعاتِ، جاءَتْ بفضلِهِ الآثار، ونُقِلَتْ فيه بينَ


    الناسِ الأَخبار.





    * فَمِنْ فضائِلِ الصومِ: أنَّ اللهَ كتبَه على جميعِ الأُمم وَفَرَضَهُ


    عَلَيْهم:


    قال الله تعالى:


    {يأَيُّهَا
    الَّذِينَ


    ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن


    قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة:
    183].





    ولَوْلاَ أنَّه عبادةٌ عظيمةٌ لاَ غِنَى


    لِلْخلقِ عن التَّعَبُّد بها للهِ وعما يَتَرَتَّب عليها مِنْ ثوابٍ ما فَرَضَهُ
    الله عَلَى جميعِ


    الأُمَمِ.





    ومِنْ فضائل الصومِ في


    رَمضانَ: أنَّه سببٌ لمغفرة الذنوبِ وتكفيرِ السيئاتِ، ففي الصحيحينِ عن أبي
    هريرةَ-


    رضي الله عنه-، أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلّم- قَالَ:
    (مَنْ
    صَامَ رمضان إيمانًا


    واحْتسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّم مِن ذنبه)،
    يعني: إيمانًا باللهِ، ورضى بفرضيَّةِ الصَّومِ


    عليهِ، واحتسابًا لثَوابه وأجرهِ، لم يكنْ كارِهًا لفرضهِ ولا شاكًّا فيَ ثوابه


    وأجرهِ، فإن الله يغْفِرُ له ما تقدَم من


    ذنْبِه.





    وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة


    أيضًا، أن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال:

    (الصَّلواتُ الخَمْسُ والجمعةُ إلى الجمعةِ ورمضانُ إلى


    رمضانَ مُكفِّراتٌ مَا بينهُنَّ إذا اجْتُنِبت


    الْكَبَائر).
    أبو حارثة الأثري الجزائري
    أبو حارثة الأثري الجزائري
    المشرف العام


    ذكر عدد الرسائل : 411
    الرتبة : مجالس شهر رمضان Mouchr10
    السٌّمعَة : 1
    نقاط : 5
    تاريخ التسجيل : 24/05/2008

    مجالس شهر رمضان Empty رد: مجالس شهر رمضان

    مُساهمة من طرف أبو حارثة الأثري الجزائري الجمعة أغسطس 15, 2008 4:25 pm




    * ومِنْ فضائِل الصوم: أنَّ


    ثوابَه لا يَتَقَيَّدُ بِعَدَدٍ مُعيَّنٍ؛ بل يُعطَى الصائمُ أجرَه بغير حسابٍ، ففي
    الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال،


    قال رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-:


    قال الله

    تعالى:
    (كُلُّ عَمَل ابن آدم لَهُ إلاَّ الصومَ، فإِنَّه لي


    وأنا أجزي بهِ. والصِّيامُ جُنَّةٌ، فإِذا كان يومُ صومِ أحدِكم، فَلاَ يرفُثْ، ولا


    يصْخَبْ، فإِنْ سابَّهُ أَحدٌ أو قَاتله فَليقُلْ إِني صائِمٌ،


    والَّذِي نَفْسُ محمدٍ بِيَدهِ


    لخَلُوفُ فمِ الصَّائم أطيبُ عند الله مِن ريح المسك، لِلصائمِ فَرْحَتَانِ

    يَفْرَحُهما: إِذَا أفْطَرَ فرحَ بِفطْرهِ، وإِذَا لَقِي
    ربَّه فرح


    بصومِهِ).








    وَفِي رِوَايِةٍ لمسلم:
    (كُلُّ
    عملِ ابنِ آدمَ لَهُ يُضَاعفُ الحَسَنَة بعَشرِ


    أمثالِها إلى سَبْعِمائِة ضِعْفٍ، قَالَ الله تعالى: إِلاَّ


    الصَومَ فإِنه لِي وأَنَا أجْزي به. يَدَعُ شهْوَتَه وطعامه من


    أجْلِي).






    وَهَذَا الحديثُ الجليلُ


    يدُلُّ على فضيلةِ الصومِ من وجوهٍ


    عديدةٍ:






    الوجه الأول:








    أن الله اختصَّ لنفسه الصوم من بين سائرِ الأعمال؛ وذلك لِشرفِهِ عنده، ومحبَّتهِ
    له، وظهور الإِخلاصِ له سبحانه فيه، لأنه

    سِرُّ بَيْن العبدِ وربِّه لا يطَّلعُ عليه إلاّ الله.







    فإِن الصائمَ يكون في


    الموضِعِ الخالي من الناس مُتمكِّنًا منْ تناوُلِ ما حرَّم الله عليه بالصيام، فلا


    يتناولُهُ؛ لأنه يعلم أن له ربًّا يطَّلع عليه في خلوتِه، وقد حرَّم عَلَيْه ذلك،


    فيترُكُه لله خوفًا من عقابه، ورغبةً في ثوابه، فمن أجل ذلك شكر اللهُ له هذا


    الإِخلاصَ، واختصَّ صيامَه لنفْسِه من بين سَائِرِ أعمالِهِ، ولهذا قال:


    (يَدعُ


    شهوتَه وطعامَه من أجْلي).






    وتظهرُ فائدةُ هذا الاختصاص


    يوم القيامَةِ، كما قال سَفيانُ بنُ عُييَنة -رحمه الله-:

    "إِذَا
    كانَ يومُ


    القِيَامَةِ يُحاسِبُ الله عبدَهُ، ويؤدي ما عَلَيْه مِن المظالمِ مِن سائِر عمله،


    حَتَّى إِذَا لم يبقَ إلاَّ الصومُ يتحملُ اللهُ عنه ما بقي من المظالِم ويُدخله


    الجنَّةَ بالصوم".






    الوجه

    الثاني:







    أن الله قال في الصوم:

    (وأَنَا


    أجْزي به)،


    فأضافَ الجزاءَ إلى نفسه الكريمةِ؛ لأنَّ


    الأعمالَ الصالحةَ يضاعفُ أجرها بالْعَدد، الحسنةُ بعَشْرِ أمثالها إلى سَبْعِمائة


    ضعفٍ إلى أضعاف كثيرةٍ،


    أمَّا الصَّوم فإِنَّ اللهَ أضافَ الجزاءَ عليه


    إلى نفسه من غير اعتبَار عَددٍ، وهُوَ سبحانه أكرَمُ الأكرمين وأجوَدُ الأجودين،


    والعطيَّةُ بقدر مُعْطيها، فيكُونُ أجرُ الصائمِ عظيماً

    كثيراً بِلاَ حساب.







    والصيامُ صبْرٌ على طاعةِ الله، وصبرٌ عن


    مَحارِم الله، وصَبْرٌ على أقْدَارِ الله المؤلمة مِنَ الجُوعِ والعَطَشِ وضعفِ


    البَدَنِ والنَّفْسِ،


    فَقَدِ اجْتمعتْ فيه أنْواعُ الصبر الثلاثةُ،


    وَتحقَّقَ أن يكون الصائمُ من الصابِرِين، وقَدْ قَالَ الله تَعالى:
    {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّـابِرُونَ أَجْرَهُمْ
    بِغَيْرِ حِسَابٍ}
    [الزمر:
    10]






    الوجه الثالث:






    أن الصَّومَ جُنَّةٌ: أي وقايةٌ وستْرٌ يَقي


    الصَّائِمَ من اللَّغوِ والرَّفثِ، ولذلك قال:

    (فإِذا كان يومُ


    صومِ أحدِكم فلا يرفُثْ وَلاَ يَصْخبْ)،
    ويقيه من النَّار.






    ولذلك روى الإِمام أحمدُ


    بإسْناد حَسَنٍ عن جابر -رضي الله عنه- أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-قال:


    (الصيام جُنَّةٌ يَسْتجِنُّ


    بها العبدُ من


    النار).






    الوجه

    الرابع:







    أنَّ خَلوفَ فمِ الصائمِ أطيبُ عند الله مِنْ


    ريحِ المسْكِ؛ لأنَّها من آثارِ الصيام، فكانت طيِّبةً عندَ الله سبحانه ومحْبُوبةً

    له.







    وهذا دليلٌ على عَظِيمِ شأنِ الصيامِ عند الله، حَتَّى إنَّ الشيء المكروهَ
    المُسْتخْبَثَ عند الناس يَكونُ محبوبًا عندَ الله


    وطيبًا؛ لكونِهِ نَشَأ عن طاعَتِهِ


    بالصيام.






    الوجه

    الخامس:







    أن

    للصائِمِ
    فرْحَتينْ:


    فَرحَةً عند فِطْرِهِ، وفَرحةً عنْد لِقاءِ


    ربِّه.








    أمَّا فَرحُهُ عند فِطْرهِ، فيَفرَحُ بِمَا


    أنعمَ الله عليه مِنَ القيام بعبادِة الصِّيام الَّذِي هُو من أفضلِ الأعمالِ


    الصالِحة، وكم أناسٍ حُرِمُوْهُ فلم يَصُوموا، ويَفْرَحُ بما أباحَ الله له مِنَ

    الطَّعامِ، والشَّرَابِ، والنِّكَاحِ الَّذِي كان مُحَرَّمًا
    عليه حال الصوم.







    وأمَّا فَرَحهُ عنْدَ لِقَاءِ ربِّه،


    فَيَفْرَحُ بِصَوْمِهِ حين يَجِدُ جَزاءَه عند الله تعالى مُوفَّرًا كاملًا في وقتٍ


    هو أحوجُ ما يكون إِلَيْهِ حينَ يُقالُ:

    (أينَ


    الصائمون ليَدْخلوا الجنَّةَ من بابِ الرَّيَّانِ الَّذِي لاَ يَدْخله أحدٌ


    غيرُهُمْ).






    وفي هذا الحديث إرشادٌ للصَّائِمِ إذا


    سَابَّهُ أحدٌ أو قَاتله أن لا يُقابِلهُ بالمثْلِ؛ لِئَلا يزدادَ السِّبابُ


    والقِتَالُ، وأن لا يَضْعُف أمامه بالسكوت؛ بل يخبره بأنه صائم، إشارة إلى أنه لن


    يقابله بالمثل احترامًا للصوم؛ لا عجزًا عن الأخذ بالثأر، وحيئنذٍ ينقطع السباب


    والقتال:
    {ادْفَعْ بِالَّتِى هِىَ


    أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ


    *

    وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو


    حَظِّ عَظِيمٍ}[فصلت:
    35،34].

    أبو حارثة الأثري الجزائري
    أبو حارثة الأثري الجزائري
    المشرف العام


    ذكر عدد الرسائل : 411
    الرتبة : مجالس شهر رمضان Mouchr10
    السٌّمعَة : 1
    نقاط : 5
    تاريخ التسجيل : 24/05/2008

    مجالس شهر رمضان Empty رد: مجالس شهر رمضان

    مُساهمة من طرف أبو حارثة الأثري الجزائري الجمعة أغسطس 15, 2008 4:26 pm




    *ومِنْ فَضائِل الصَّومِ: أنَّه يَشْفَع لصاحبه يومَ القيامة، فعَنْ عبدالله


    بن عَمْرو -رضي الله عنهما-، أنَّ

    النَّبِي
    -صلى الله عليه وسلم-قال:

    (الصِّيامُ والْقُرآنُ


    يَشْفَعَان للْعبدِ يَوْمَ القِيَامَةِ، يَقُولُ الصيامُ: أي ربِّ مَنَعْتُه


    الطعامَ والشَّهْوَة فشفِّعْنِي فيه، ويقولُ القرآنُ منعتُه النوم بالليلِ


    فشَفِّعْنِي فيهِ، قَالَ: فَيشْفَعَانِ)،
    رَوَاهُ أَحْمَدُ.







    إخْوانِي:







    فضائلُ الصوم لا تدركُ حَتَّى يَقُومَ


    الصائم بآدابه، فاجتهدوا في إتقانِ صيامِكم، وحفظِ حدوده،


    وتوبوا إلى ربكم من تقصيركم في ذلك.







    رواه أيضًا


    الطبراني والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم، وقال المنذري: رجاله محتج بهم في

    الصحيح.















    المجلس الثالث - في حُكْمِ صيَامِ رَمضان









    الحمدُ لله الَّذي لا مانعَ لما وَهَب، ولا مُعْطيَ لما


    سَلَب، طاعتُهُ للعامِلِينَ أفْضلُ مُكْتَسب، وتَقْواه للمتقين أعْلَى نسَب، هَيَّأ


    قلوبَ أوْلِيائِهِ للإِيْمانِ وكَتب، وسهَّلَ لهم في جانبِ طاعته كُلَّ نَصَب، فلمْ


    يجدوا في سبيل خدمتِهِ أدنى تَعَب، وقَدَّرَ الشقاءَ على الأشقياء حينَ زَاغوا


    فَوَقَعُوا في العطَب، أعرضُوا عنْهُ وكَفَروا بِهِ فأصْلاهم نَارًا ذاتَ لَهب،


    أحمدهُ على ما مَنَحَنَا من فضْله وَوَهَب، وأشهَدُ أن لا إِله إلاَّ


    الله وَحْدهُ لا شريكَ لَهُ هزَمَ الأحْزَابَ وَغَلَب، وأشْهَدُ أن محمدًا عبدهُ


    وَرَسُولهُ الَّذي اصْطَفاه الله وانتَخَبَ،


    صلَّى الله عَلَيْهِ وعلى


    صَاحِبه أبي بكر الْفائِقِ في الفَضَائِلِ والرُّتَب، وعلى عُمَرَ الَّذي فرَّ


    الشيطانُ منهُ وهَرَب، وعَلَى عُثْمان ذي النُّوُريَنِ التَّقيِّ النَّقِّي


    الْحسَب، وَعَلى عَليٍّ صهره وابن عمه في النَّسب، وعلى بقِيَّةِ أصحابه الذينَ


    اكْتَسَوا في الدِّيْنِ أعْلَى فَخْرٍ ومُكْتسَب، وعلى التَّابِعين لهم بإحْسَانٍ

    ما أشرق النجم وغرب، وسلَّم تسليمًا.








    إخواني:







    إنَّ صيامَ رمضانَ أحَدُ أرْكان الإِسْلام ومَبانيه العظَام قَالَ


    اللهُ تعالى:

    {يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ


    الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ


    الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَّعْدُودَتٍ فَمَن


    كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى


    الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ


    خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ فِدْيَةٌ


    طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ


    خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا


    فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ


    شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَـتٍ


    مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن

    كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ
    أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ


    بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ


    وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[البقرة:

    183-185].









    وقال النبي -صلى الله عليه


    وسلّم-:


    (بُنِي الإِسلامُ على خَمْسٍ: شهادةِ أنْ لا إِله إِلاَّ


    الله وأنَّ محمدًا رسولُ الله، وإقام الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، وحَجِّ الْبَيْتِ،


    وَصومِ رمضانَ)،
    متفق عليه، ولمسلم:
    (وصومِ رمضانَ وَحَجِّ


    البيتِ).







    وأجْمَعَ المسلمونَ على


    فرضيَّةِ صوم رمضان إجْمَاعًا قَطْعيًا معلومًا بالضَّرُورةِ منِ دينِ الإِسْلامِ،


    فمَنْ أنكر وجوبَه فقد كفَر فيُستتاب، فإن تابَ وأقرَّ بِوُجوبِه وإلاَّ قُتِلَ


    كَافرًا مُرتَدَّاً عن الإِسلامِ، لا يُغسَّلُ، ولاَ يُكَفَّنُ، ولاَ يُصَلَّى
    عليه،


    ولا يُدعَى له بالرَّحْمةِ، ولا يُدْفَنُ في مَقَابِر المسلمين، وإنما يُحْفَر له


    بعيدًا فِي مَكانٍ ويُدفنُ؛ لئلا يُؤْذي الناس بِرائِحَتِهِ، ويتأذى أهْلُه


    بِمُشَاهَدَته.







    فُرضَ صِيامُ رمضانَ في


    السنةِ الثانيةِ منَ الهجرةِ، فصامَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-تِسع سِنين،


    وكان فرض الصيَّام على مَرْحَلَتَيْن:







    المَرْحَلةُ الأوْلَى:


    التَّخيير بَيْنَ الصيامِ والإِطعامِ مَعَ تفضيلِ الصيامِ


    عليهِ.







    المَرْحَلةُ الثانيةُ: تعيينُ الصيامِ بدون تخْييرٍ.







    ففي الصحيحين عن سَلَمة بن الأكوع -رضي الله عنه- قال: لما نَزَلَت:

    {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}،
    كان مَنْ أرَاد أن يُفْطِر ويفْتديَ -يعني فَعَل- حتى نَزَلَتْ الآيةُ


    التي بَعْدَها فَنَسخَتْها -يَعْني بها قولهُ تَعالى:

    {فَمَن


    شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ


    فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}،


    فَأوْجَب الله الصيامَ عَيْناً بِدُونَ

    تَخْيير.








    ولا يجبُ الصومُ حتى يَثْبتَ

    دخولُ الشَّهْر، فلا يَصومُ قَبْلَ دخولِ الشهر؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلّم-:

    (لا يَتَقَدمنَّ أحَدُكم رمضانَ بصوم يومٍ أو يومينِ إلاَّ أنْ

    يكونَ رجلٌ كانَ يصومُ صَوْمَهُ فلْيصُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ)،
    رواه البخاري.










    ويُحْكَمُ بدخول شهرِ رمضانَ بِواحدٍ من


    أمْرَينِ:







    الأولُ: رؤْيةُ هلالِهِ لقوله تعالى:


    {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}،


    وقول النبيِّ


    -صلى الله عليه وسلّم-:

    (إِذَا رأيتُمُ الهلالَ فصوموا)،


    متفق عليه.







    ولا يُشْتَرطُ أن يراه كلُّ واحدٍ بنفسه؛ بلْ إذا


    رآهُ مَنْ يَثْبُتُ بشهادتِهِ دخولُ الشَّهْر وجبَ الصومُ على


    الجَمِيْع.







    ويُشْتَرطُ لقبولِ الشَّهَادةِ بالرُّؤْيةِ أن يكونَ

    الشاهِدُ: بَالِغًا، عاقلًا، مسلمًا، مَوثُوقًا بخبرهِ
    لأمانته وَبصرهِ.








    فأمَّا الصغيرُ فلا يَثْبتُ الشهرُ بشهادتِه؛ لأنه لا يُوْثَق به، وأوْلَى منه
    المجنونُ. والكافرُ لا يَثْبتُ الشهرُ بشهادته


    أيْضًا، لحديث ابنِ عباسٍ -رضي الله عنهما- قالَ:

    جاءَ أَعْرابيٌ

    إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-فقال: إني رَأيتُ الهلالَ
    -يعني رَمضانَ-، فقال:
    (أتَشْهَدُ أنْ لا إِله إِلاَّ الله؟)
    قال: نَعَمْ. قال:
    (أتَشْهَدْ أنَّ محمداً رسولُ


    الله؟)

    قال: نَعَمْ. قال:
    (يا بِلالُ أذِّنْ في الناسِ فَلْيصُوموا غَدًا)،


    أخرجه السبعة إلاّ أحمد.









    وَمَنْ لا يُوْثَقُ بخبره


    بِكونِهِ مَعْروفًا بالكَذبِ، أوْ بالتَّسَرُّعِ، أوْ كان ضعيفَ البَصرِ بحيثُ لا


    يُمْكنُ أنْ يراه، فلا يَثْبُتُ الشهرُ بشهادتِهِ؛ للشَكِّ في صدقِه أوْ رجَحانِ


    كَذِبهِ، وَيثْبُتُ دخولُ شهْرِ رمضان خاصَة بشهادةِ رجلٍ واحد؛ لقول ابن عُمر -رضي


    الله عنهما-:
    "تَرَاءَى الناسُ الهلالَ، فأخْبرتُ النبي -صلى الله عليه
    وسلم-أنِّي رأيتُهُ، فصامَ وأمَرَ الناسَ بصيامِهِ"،
    رواه أبُو


    داودَ والحاكمُ وقال: على شرطِ مسلمٍ.









    ومَنْ رَآهُ
    مُتَيَقِّنًا رُؤْيَته وجَبَ


    عليه إخبارُ وُلاَةِ الأمُورِ بذلك، وكَذلِكَ من رأى هلالَ شَوَّالٍ وذِي الحِجَّة؛


    لأنَّه يَتَرَتَّبُ على ذلك واجبُ الصومِ والفطر والحج، وما لا يتم الواجبُ إلاَّ


    به فهو واجب، وإن رآه وحدَه في مكانٍ بعيدٍ لا يمكنه إخبارُ ولاةِ الأمورِ، فإنه


    يصوُم ويَسْعَى في إيصالِ الخبرِ إلى ولاةِ الأمورِ بقَدْرِ ما


    يَستطيعُ.







    وإذا أُعلنَ ثبوتُ الشهرِ من


    قِبَلِ الحكومةِ بالرَّاديو أو غيرهِ وجَبَ العملُ بذلك في دخولِ الشَّهْرِ وخروجه


    في رمضانَ أوْ غيرهِ؛ لأنَّ إعلانَه مِن قِبَل الحكومةِ حُجَّةٌ شرعيَّةٌ يجبُ


    العملُ بها.









    ولذلك أمر النبي -صلى الله عليه وسلم-بلالًا أنْ


    يؤذِّنَ في الناسِ مُعلنًا ثبوتَ الشهرِ ليصُوموا حينَ ثَبَتَ عنده -صلى الله عليه
    وسلم-دخولُهُ، وَجَعَلَ ذَلِكَ الإِعْلامَ مُلزِمًا لهم


    بالصيامِ.







    وإذا ثَبتَ دخولُ الشهر ثبوتًا شرْعيًّا،


    فَلاَ عِبْرةَ بمنازل القمر؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم-علَّقَ الحكْم برؤيةِ


    الهلالِ لا بمنَازلِهِ، فقالَ -صلى الله عليه وسلّم-:

    (إِذَا


    رَأيتُمُ الهلالَ فصُوموا، وإِذَا رَأَيْتُمُوه فأفْطِروا)،
    متفق عليه.







    وقال


    -صلى الله عليه وسلّم-:

    (إن شَهِدَ شاهدان مُسْلمانِ فصومُوا


    وأفْطُروا)،
    رواه أحمد.







    الأمر الثاني: مما يُحْكَمُ فيهِ بِدُخولِ الشَّهرِ إكْمالُ الشهرِ السابقِ


    قَبْله ثلاثينَ يَوْمًا؛ لأن الشَّهر الْقمريَّ لا يمكن أن يزيدَ على ثلاثينَ يومًا


    ولا ينقصَ عن تسعةٍ وعشرينَ يومًا، ورُبَّما يَتَوالَى شهْرَان أو ثلاثة إلى أربعة


    ثلاثين يومًا أو شهران أو ثلاثة إلى أربعة تسعة

    وعشرين
    يومًا، لَكن الغالِب شَهرٌ


    أو شهرانِ كامِلةٌ والثالثُ ناقصٌ. فَمَتَى تمَّ الشَّهْرُ السابقُ ثلاثينَ يومًا


    حُكمَ شرعًا بدخولِ الشهرِ الَّذِي يَلْيِهِ وإن لمْ يُرَ الهلالُ؛ لقول النبي -صلى


    الله عليه وسلّم-:

    (صُوموا لِرؤيتِهِ وأفْطروا لرؤيته، فإن غُمِّي


    عليكُمْ الشهر فعدوا ثلاثين)،
    رواهُ مسلم، ورواه البخاري بلفْظِ:

    (فإن غُبَّي عليكم فأكْمِلوا عدَّة شعبانَ ثَلاثينَ)،
    وفي صحيح


    ابن خُزيمة من حديثِ عائشةَ -رضي الله عنها- قالتْ:

    "كانَ


    النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-يَتحفَّظُ من شعبانَ ما لا يَتَحَفَّظ من غيرهِ، ثم


    يصوم لرؤيةِ رمضان، فإنْ غُمَّ عليه عَدَّ ثلاثين يومًا ثم صام"، وأخرجه

    أيضًا أبو دَاود والدَّارقطنيُّ


    وصحَّحهُ.





























    مجالس شهر

    رمضان:
    للشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين
    -رحمه الله-

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مايو 17, 2024 5:57 am